قال الطبرسي (1) رحمه الله: " حنفاء لله ": أي مستقيمي الطريقة على ما أمر الله مائلين عن سائر الأديان، " غير مشركين به " أي حجاجا مخلصين، وهم مسلمون موحدون لا يشركون في تلبية الحج به أحدا.
وقال في النهاية: فيه خلقت عبادي حنفاء: أي طاهري الأعضاء من المعاصي، لا أنه خلقهم كلهم مسلمين لقوله تعالى " هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن " (2) وقيل: أراد أنه خلقهم حنفاء مؤمنين لما أخذ عليهم الميثاق " ألست بربكم قالوا بلى " فلا يوجد أحد إلا وهو مقر بأن له ربا وإن أشرك به واختلفوا فيه.
والحنفاء جمع حنيف، وهو المائل إلى الاسلام، الثابت عليه، والحنيف عند العرب من كان على دين إبراهيم، وأصل الحنف: الميل، ومنه الحديث بعثت بالحنيفية السمحة السهلة: انتهى.
" لا تبديل لخلق الله ": أي بأن يكونوا كلهم أو بعضهم عند الخلق مشركين بل كان كلهم مسلمين مقرين به، أو قابلين للمعرفة، " وأراهم نفسه ": أي بالرؤية العقلية الشبيهة بالرؤية العينية في الظهور، ليرسخ فيهم معرفته، ويعرفوه في دار التكليف، ولولا تلك المعرفة الميثاقية، لم يحصل لهم تلك القابلية، وفسر عليه السلام الفطرة في الحديث بالمجبولية على معرفة الصانع والاذعان به.
" كذلك قوله " أي هذه الآية أيضا محمولة على هذا المعنى، " ولئن سألتهم " أي كفار مكة، كما ذكره المفسرون، أو الأعم، كما هو الأظهر من الخبر " ليقولن الله " لفطرتهم على المعرفة، وقال البيضاوي: لوضوح الدليل المانع من إسناد الخلق إلى غيره، بحيث اضطروا إلى إذعانه انتهى.
والمشهور أنه مبني على أن كفار قريش لم يكونوا ينكرون أن الصانع هو الله، بل كانوا يعبدون الأصنام، لزعمهم أنها شفعاء عند الله، وظاهر الخبر أن