أن لا يسكت عما ينبغي أن يقال، فيكون مفرطا، ولا يقول ما ينبغي أن يسكت عنه، فيكون مفرطا، بل يضع كلا من الكلام في موضعه اللائق به وهو أخص من الصدق، لجواز أن يصدق الانسان فيما لا ينبغي من القول.
الثانية: " وملبسهم الاقتصاد " وهو فضيلة العدل في الملبوس، فلا يلبس ما يحلقه بدرجة المترفين، ولا يلحقه بأهل الخسة والدناءة مما يخرج به عن عرف الزاهدين في الدنيا.
الثالثة: مشي التواضع، والتواضع ملكة تحت العفة، يعود إلى العدل بين رذيلتي المهانة والكبر، ومشي التواضع مستلزم للسكون والوقار.
الرابعة: غض الابصار عما حرم الله وهو ثمرة العفة.
الخامسة: وقوفهم أسماعهم على سماع العلم النافع، وهو فضيلة العدل في قوة السمع، والعلوم النافعة، ما هو كمال القوة النظرية من العلم الإلهي وما يناسبه وما هو كمال للقوة العملية وهي الحكمة العملية.
السادسة: نزول أنفسهم منهم في البلاء كنزولها في الرخاء، أي لا تقنط من بلاء ينزل بها، ولا تبطر برخاء يصيبها، بل مقامها في الحالين مقام الشكر، و " الذي " صفة مصدر محذوف، والضمير العائد إليه محذوف أيضا، والتقدير: نزلت كالنزول الذي نزلته في الرخاء، ويحتمل أن يكون المراد ب " الذي ": " الذين " فحذف النون كما في قوله تعالى " كالذي خاضوا " (1) ويكون المقصود تشبيههم حال نزول أنفسهم منهم في البلاء، بالذي نزلت أنفسهم منهم في الرخاء، والمعنى واحد.
السابعة: غلبة الشوق إلى ثواب الله، والخوف من عقابه على نفوسهم، إلى غاية أن أرواحهم لا تستقر في أجسادهم من ذلك، لولا الآجال التي كتبت لهم وهذا الشوق والخوف إذا بلغ إلى حد الملكة، فإنه يستلزم دوام الجد في العمل، والاعراض عن الدنيا، ومبدؤهما تصور عظمة الخالق، وبقدر ذلك يكون تصور عظمة وعده ووعيده، وبحسب قوة ذلك التصور يكون قوة الخوف والرجاء