إن كان هؤلاء (1) في معرفة موسى مثل البعر عر الذين عرفوا (2) صورة جعفر بن محمد عند جدي المنصور، فإذا رأوا صورته سيفعلون فعلهم، وإن لم يعرفوه فسيقتلون صورته، فإذا قتلوا صورته اليوم قتلوه هو غدا، فأخذوا سيوفهم ودخلوا الحجرة، فلما رأوا المثال تبادروا إليه (3) ووضعوا سيوفهم عليه فرضوه.
فقال الرشيد: الحمد لله قتلت موسى بهؤلاء القوم بلا شك، فخلع عليهم خلعا أخرى، وحمل إليهم الأموال وردهم إلى دورهم، ولم يزل الرشيد يمثل لهم ذلك المثال سبع مرات وهم يقتلونه.
فلما رأى ذلك منهم أمر بإحضار موسى - عليه السلام - وجعله في حجرة مثل تلك الحجرة على سبيل تلك التماثيل، ثم أحضر هم، وقال لترجمانهم: قل لهم: ما بقي لي عدو من أعدائي إلا واحد فاقتلوه، وقد سلمت إليكم المملكة، فأخذوا سيوفهم ودخلوا على أبي الحسن موسى - عليه السلام - والرشيد والخادم [في] (4) مستشرف له على تلك الحجرة يقول للخادم أين موسى؟
قال: جالس في وسط الدار على بساط.
قال: فماذا يصنع؟
قال: مستقبل القبلة مادا يديه إلى السماء يحرك شفتيه.