وعرفوه، أصفى من الجواهر، وأعطر من روائح المسك والعنبر، توري الرطبة مثل ما توري المرأة، وقال [لي] (1): التقط وكل، فالتقطت وأكلت وأطعمت، فقال لي: ضم كلما يسقط من هذا الرطب واهد إلى مخلصي شيعتنا الذين أوجب الله لهم الجنة فلا يحل هذا الرطب إلا لهم، فاهدى إلى كل نفس منهم واحدة.
قال المفضل: فضممت ذلك الرطب وظننت أني لا أطيق حمله إلى منزلي، فخف علي حتى حملته وفرقته فيمن أمرني به منهم في الكوفة (2)، فخرج بأعدادهم لا يزيد رطبة ولا ينقص رطبة فرجعت إليه، فقال لي: اعلم يا مفصل، أن هذه النخلة تطاولت وانبسطت في الدنيا، فلم يبق مؤمن ولا مؤمنة من شيعتنا بالكوفة بمقدار مضيك إلى منزلك ورجوعك إلينا، فهذا من فضل الله أعظم مما أعطي داود وإن كنا قد أعطيناه وأعطينا ما لم يعط (3) كرامة من الله لحبيبه جدنا محمد - صلى الله عليه وآله -، وإن كنت من شيعتنا سترد إلينا وإليك من طول الدنيا وعرضها بأن النخلة وصلت إليهم، فطرحت إلى كل واحد منهم رطبة (4).
قال المفضل: فلم تزل الكتب ترد إليه وإلي (5) من سائر الشيعة في سائر الدنيا بذلك، فعرفت والله عددهم من كتبهم. (6)