وما مررت بهذا الجبل في سفري فوقفت به إلا رأيتهما يستغيثان [إلي] (1)، وإني لأنظر إلى قتلة أبي وأقول لهما: إنما هؤلاء فعلوا ما أسستما، لم ترحمونا إذ وليتم وقتلتمونا وحرمتمونا ووثبتم على حقنا (2) واستبددتم بالامر دوننا، فلا رحم الله من يرحمكما، ذوقا وبال ما قدمتما، وما الله بظلام للعبيد، وأشدهما تضرعا واستكانة الثاني، فربما وقفت عليهما ليتسلى عني بعض ما في قلبي، وربما طويت الجبل الذي هما فيه وهو جبل الكمد.
قال: قلت له: جعلت فداك، فإذا طويت الجبل فما تسمع؟
قال: أسمع أصواتهما يناديان: عرج علينا نكلمك، فإنا نتوب، وأسمع من الجبل صارخا يصرخ بي: أجبهما، وقل لهما: اخسئوا فيها ولا تكلمون (3).
قال: قلت له: جعلت فداك، ومن معهم؟
قال: كل فرعون عتا على الله، وحكى الله عنه فعاله، وكل من علم العباد الكفر.
قلت: من هم؟
قال: نحو بولس الذي علم اليهود أن [يد الله مغلولة] (4)، ونحو نسطور الذي علم النصارى أن عيسى [المسيح ابن الله] (5)، وقال لهم