والأئمة - عليهم السلام - كان يدعو واحدا بعد واحد حتى بلغ (1) إلى آخرهم جعفر بن محمد - عليهما السلام -، فلم يزل يدعوه ويلوذ به، فإذا هو برجل قد قام عليه وهو يقول: يا هذا، ما قصتك؟
فذكر له حاله، فناوله قطعة عود، وقال: ضع هذا بين شفتيه (2)، ففعل ذلك، فإذا هو قد فتح عينيه واستوى جالسا ولا عطش به، فمضى (3) حتى زار القبر، فلما انصرفا إلى الكوفة أتى صاحب الدعاء المدينة، فدخل على الصادق - عليه السلام - فقال له: اجلس، ما حال أخيك؟
أين العود؟
فقال: يا سيدي، إني لما أصبحت بأخي اغتممت غما شديدا، فلما رد الله عليه روحه نسيت العود من الفرح (4).
فقال الصادق - عليه السلام -: أما إنه ساعة صرت (5) إلى غم أخيك أتاني أخي الخضر، فبعثت إليك على يديه قطعة عود من شجرة طوبى، ثم التفت إلى خادم له فقال (6): علي بالسفط، فاتي به، ففتحه وأخرج منه قطعة العود بعينها، ثم أراها إياه حتى عرفها، ثم ردها إلى السفط. (7)