بين أيديهم، فقال علي - عليه السلام -: كلوا بسم الله عز وجل، وجعل يأكل معهم حتى أكلوا وفرغوا، وهو يمسك الحائط بشماله، والحائط ثلاثون ذراعا طوله في خمسة عشر (ذراعا) (1) سمكه، في ذراعين غلظة، فجعل أصحاب علي - عليه السلام - وهم يأكلون يقولون: يا أخا رسول الله - صلى الله عليه وآله - أفتحامي هذا و [أنت] (2) تأكل؟ فإنك تتعب في حبسك هذا الحائط عنا.
فقال علي - عليه السلام -: إني لست أجد له من المس بيساري إلا أقل مما أجده من ثقل هذه اللقمة بيميني.
وهرب جد بن قيس وخشي أن يكون قد مات وصحبه، وإن محمدا يطلبه لينتقم منه، واختفى (3) عند عبد الله بن أبي، فبلغهم أن عليا قد أمسك الحائط بيساره وهو يأكل بيمينه، وأصحابه (4) تحت الحائط لم يموتوا.
فقال أبو الشرور وأبو الدواهي اللذان كان أصل التدبير منهما في ذلك: (5) إن عليا قد مهر (6) بسحر محمد فلا سبيل لنا عليه، فلما فرغ القوم مال علي - عليه السلام - على الحائط بيساره فأقامه وسواه ورأب (7) صدعه، ولام (8) شعبه، وخرج هو والقوم.
فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وآله - قال له: يا أبا الحسن ضاهيت اليوم أخي