وتخللا القوم، وجعلا يتأملان الوجوه والاقدام، فكل من تأملاه أعرضا عنه، حتى بلغا عليا - عليه السلام - فلما تأملاه مرغا في التراب (خدودهما و) (1) أبدانهما، ووضعا على التراب بين يديه خدودهما، وقالا: السلام عليك يا حليف الندى، ومعدن النهى، ومحل الحجى، وعالما بما في الصحف الأولى ووصي المصطفى.
السلام عليك يامن أسعد به محبيه، وأشقى بعداوته شانئيه، وجعله سيد آل محمد وذويه.
السلام عليك يامن لو أحبه أهل الأرض كما يحبه أهل السماء لصاروا خيار الأصفياء، ويا من لو أحس بأقل قليل (من بغضه) (2) من أنفق في سبيل الله ما بين العرش إلى الثرى لانقلب بأعظم الخزي والمقت من العلي الاعلى. قال: فعجب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله - الذين كانوا معه، وقالوا: يا رسول الله ما ظننا [أن] (3) لعلي بن أبي طالب هذا المحل من السباع مع محله منك.
قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: فكيف لو رأيتم محله من سائر الحيوانات المبثوثات في البر والبحر، وفي السماوات والأرض، والحجب [والعرش] (4) والكرسي، والله لقد رأيت من تواضع أملاك سدرة المنتهى لمثال علي المنصوب بحضرتهم - يستغنون (5) بالنظر إليه بدلا من النظر إلى علي - عليه السلام - كلما اشتاقوا إليه - ما صغر في جنبه تواضع هذين الذئبين.