قد ستر به ذنوب النبي وطعنا على قول الله وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى وطعنا على اطلاق قوله تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله وطعنا على اجماع المسلمين انه (ص) أفضل من جميع المرسلين لأن في المرسلين من لم يتضمن القرآن الشريف ذكر ذنوب له متقدمة ولا متأخرة ومن أعجب تأويلات البلخي تجويزه أن يكون للنبي ذنوبا في الجاهلية وأفضل مقامات نبوته في أيام الجاهلية لمجاهدته مع وحدته وانفراده بنفسه ومهجته في الدعوة إلى تعظيم الجلالة الإلهية وقيامه بأمر يعجز عنه غيره من أهل القوة البشرية لان كل من يطلب مغالبة الخلايق في المغارب والمشارق يقتضى العقل والنقل انه لا يظهر ذلك حتى يكاتب ويراسل ويهئ أعوانا وأنصارا ويبعث دعاة إلى الأطراف ويستظهر لنفسه بقوة تقوم بحذاء الأعداء وأهل الانحراف ومحمد أظهر وهو وحده سره وكشف وهو منفرد فقير من المال والأعوان امره أوضح من دعوته الخلائق أجمعين وأعابهم وكذبهم وطعن عليهم وقدح في حالهم في الدنيا والدين وكان كل لحظة من لحظاته وساعه من ساعاته على تلك الوحدة وتلك القوة والشدة أفضل مما جرت الحال مع جهاده مع وجود الأنصار والأعوان فكيف اعتقد البلخي ان قبل النبوة كان صاحب ذنوب وعصيان.
أقول: واعلم أن التفسير الذي يليق بكمال حال صاحب النبوة وتعظيم الله تعالى فحاله أن يكون هذا الفتح فتح مكة بغير قتال ولا جهاد وهم كانوا أصل العداوة والعناد والذين أحوجوه إلى المهاجرة والى احتمال الأهوال الشداد ان لم يمنع لهذا التأويل مانع فان من ذلك الفتح كانت الملوك كسرى وقيصر ونصارى نجران يدعوهم إلى الايمان ويلقاهم بلفظ العزيز القوى عند مخاطبته لأهل الهوان وقد ذكر الكلبي في تفسير قوله تعالى عسى الله ان يأتي بالفتح فقال فتح مكة فسماه الله فتحا فكان نزول انا فتحنا لك فتحا مبينا انجازا لذلك الوعد، وقال جدي الطوسي فتحا مبينا فتح مكة وحكى عن قتادة انه بشارة بفتح مكة أقول واما لفظ ما تقدم من الذنب