كان للمصلى شغل في صلاته عن الفحشاء والمنكر على سبيل من القول والفعل وكان فيها عظة للمصلى وزجر عن ذلك جعل ذلك نهيا للصلاة عن الفحشاء والمنكر على سبيل في اللفظ وعنى بقوله ولذكر الله أكبر ان ذكر الله تعالى على سبيل الدعاء والعبادة في الصلاة وغيرها أكبر من الصلاة وساير العبادة.
يقول علي بن موسى بن طاووس: من أين عرف الجبائي ان الذي عناه الله تعالى بقوله جل جلاله أقم الصلاة ان مراده به أوقاتها دون ساير لوازم الصلاة ومفروضاتها ومن أين عرف ان اشتغال المصلى بالصلاة هو نهى عن الفحشاء والمنكر وأي فضل يكون للصلاة بذلك وكل فعل شاغل سواء كان نفيسا أو خسيسا يشغل عن غيره بما يشغل عنه ومن أين عرف في ألفاظ الصلاة عظة للمصلى وهل لا جوز هذا التعسف والتكليف وذكر ان الصلاة بكمال شروطها واقبال فاعلها على الله تعالى بحدودها وحقوقها تقتضي لطفا ناهيا عن الفحشاء والمنكر واقبالا من الله تعالى للعبد ناهيا وكافيا وقد روينا في الجزء الأول من كتاب المهمات والتتمات صفة الصلاة الناهية عن الفحشاء والمنكر ويقال للجبائي من أين عرف ان ذكر الله تعالى بالدعاء والعبادة أكبر من الصلاة والصلاة إنما هي دعاء وعبادة وقرآن وزيادة خضوع وخشوع وركوع وسجود وانها عمود الدين وأول ما فرض الله على المسلمين وهي التي لا تسقط مع كمال العقل وحصول شروطها عند المكلفين وهلا جوز الجبائي أن يكون معنى قوله ولذكر الله أكبر لعل المراد ولذكر الله بالقلوب والسراير وتعظيم قدره ان يقدم أحد من عباده عند ذكره بتهوين ذكره بمخالفته في البواطن والظواهر أكبر من كل صلاة يكون القلب فيها ساهيا أو غافلا أو لاهيا فان تصور الله بالذكر تعالى في القلوب أصل في كمال الواجب والمندوب.
فصل فيما نذكره من الجزء السادس عشر وهو الثاني من المجلد الثامن من تفسير الجبائي من الوجهة الثانية من القائمة السادسة من الكراس الثالث