يبريا مما بهما ان يصوموا ثلاثة أيام فشفيا وما معهم شئ فاستقرض علي (ع) من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصواع من شعير فطحنت فاطمة (ع) صاعا فاختبزت خمسة أقراص على عددهم فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال السلام عليكم يا أهل بيت محمد مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة فأثروه وباتوا ولم يذوقوا الا الماء واصبحوا صياما فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك فلما أصبحوا اخذ علي (ع) بيد الحسن والحسين فاقبلوا إلى رسول الله (ص) فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال (ص) ما أشد ما يسوئني ما أرى بكم وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها قد التصق بطنها بظهرها وغارت عيناها فساءه ذلك فنزل جبرئيل وقال خذها يا محمد هناك في أهل بيتك فاقرأه السورة.
يقول علي بن موسى بن طاووس: في هذه القصة والسورة أسرار شريفة، منها انه يجوز الايثار على النفس والأطفال بما لابد منه، ومنها ان القرض لا يمنع ان يؤثر الانسان به، ومنها ان الواجب من قوت العيال لا يمنع من الصدقة في مندوب، ومنها انه إذا كان القصد رضاء الله تعالى هان كل مبذول، ومنها ان الله تعالى اطلع على صفاء سرايرهم في الاخلاص فجاد عليهم بخلع أهل الاختصاص. ومنها انه لم ينزل مدح في سورة من القرآن كما نزلت فيهم على هذا الإيضاح والبيان، ومنها ان من تمام الأخلاص في الصدقات ان الايراد من الذي يتصدق عليه جزاء ولا شكورا بحال من الحالات، ومنها ان الايثار وقع من كثير من القرابة والصحابة أيام حياة النبي من الثناء فلم ينزل على أحد مثل ما نزل على مولانا علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.
فصل فيما نذكره من تفسير أبي علي محمد بن الوهاب الجبائي وهو عندنا عشرة مجلدات في كل مجلد جزوات، واعلم أن أبا على الجبائي من