قالوا: بلى، قلت: فحين مضى (صلى الله عليه وآله) من كان الحجة؟ قالوا: القرآن، فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم، فما قال فيه من شيء كان حقا، فقلت لهم: من قيم القرآن؟ قالوا: ابن مسعود قد كان يعلم، وعمر يعلم، وحذيفة يعلم، قلت: كله؟ قالوا: لا، فلم أجد أحدا يقال إنه يعلم القرآن كله إلا عليا صلوات الله عليه، وإذا كان الشيء بين القوم فقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري، وقال هذا: أنا أدري، فأشهد أن عليا (عليه السلام) كان قيم القرآن، وكانت طاعته مفترضة، وكان الحجة على الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأن ما قال في القرآن فهو حق. فقال: " رحمك الله ". فقلت: إن عليا (عليه السلام) لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأن الحجة بعد علي الحسن بن علي، وأشهد على الحسن أنه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك أبوه وجده، وأن الحجة بعد الحسن الحسين وكانت طاعته مفترضة فقال: " رحمك الله " فقبلت رأسه وقلت: وأشهد على الحسين (عليه السلام) أنه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده علي بن الحسين، وكانت طاعته مفترضة. فقال: " رحمك الله " فقبلت رأسه وقلت: وأشهد على علي بن الحسين أنه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده محمد بن علي أبا جعفر، وكانت طاعته مفترضة، فقال:
" رحمك الله ". قلت: أعطني رأسك حتى أقبله، فضحك. قلت: أصلحك الله قد علمت أن أباك لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك أبوه، وأشهد بالله أنك أنت الحجة وأن طاعتك مفترضة، فقال: " كف رحمك الله "، قلت: أعطني رأسك أقبله، فقبلت رأسه،
____________________
وقوله: (فقال: كف رحمك الله) أي كف عن ذكري بالإمامة لمكان التقية والخوف عليه في زمانه.