8. محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كل من دان الله - عز وجل - بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحير، والله شانئ لأعماله، ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها، فهجمت ذاهبة وجائية يومها، فلما
____________________
قوله: (كل من دان الله تعالى بعبادة يجهد فيها نفسه) أي يجد ويبالغ فيها ويحمل على نفسها فوق طاقتها (ولا إمام له من الله) أي لا يعتقد إمامته ولا يعرفه بالإمامة، ولا يكون عمله بالأخذ عنه (فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحير) حيث لم يأخذها عن مأخذها الموجب لصحة المعرفة، فعمله لم يكن لله (والله شانئ) مبغض (لأعماله) وإنما مثله في أعماله (كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها) فدخلت (1) في السعي والتعب ذاهبة جائية متحيرة يومها، فإن ذلك العامل لما لم يكن على ثقة من المعرفة بالعمل يكون في معرض الشك والحيرة، فلما حان حين خوفه وأحاطت ظلمة الجهل به، ولم يعرف من يحصل له الثقة به، وطلب من يلحق به، لحق على غير بصيرة لجماعة يراهم مجتمعين على من لا يعرف حاله وحن إليهم واغتر بهم ظنا منه أنهم على ما هو عليه وأنهم أصحابه، فلما أن دعاهم راعيهم ورئيسهم إلى ما عليه، عرف أنه ليس منهم، فهجم (2) متحيرا في طلب مطلوبه وطلب غيره، فلحق بآخرين على غير بصيرة، وحن إليهم، فرده وصاح عليه راعي الآخرين وإن كانوا على الحق بأنك لست منا ولست على ثقة من معرفتك، فأنت تائه متحير، فهجم ذاعرا خائفا متحيرا، لا إمام له يرشده، فبينا هو كذلك إذا اغتنم الشيطان ضيعته فأضله وأخرجه عن الدين، كما أن الشاة الضالة عن راعيها وقطيعها كانت حين خوفها في ظلمة الليل تلحق بقطيع أخرى، ثم تركها لما رأت أنها ليست قطيعها،