الحاشية على أصول الكافي - رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني - الصفحة ٤٧٠
ولسانه الناطق في خلقه، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة، ووجهه الذي يؤتى منه، وبابه الذي يدل عليه، وخزانه في سمائه وأرضه، بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار،
____________________
النفسانية، وقوانا بالقوى الداعية إلى الخير والصلاح العاملة بفضائل الأعمال المؤدية إلى الفلاح (وجعلنا عينه) الناظر بها إلى عباده نظر الرحمة، فإنه بوساطتهم أو بسببهم ينالهم الرحمة (ولسانه) الذي يبين به الحق، ويظهره على عباده، فإنه بوساطتهم يظهر الحق والصلاح على العباد، ويمتاز عن الضلال والفساد.
(ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة) التي بها يظهر (1) آثار الرأفة والرحمة منه فيهم (ووجهه الذي يؤتى منه) فمن لم يأته من ذلك الوجه لا يصل إليه، ولا يعرفه حق معرفته، ولا يعبده حق عبادته (وبابه الذي يدل عليه) ومن لم يأته منه لم يعرفه ولم يدخل في منزل المعرفة والعبودية (وخزانه في سمائه وأرضه) حيث عندهم مفاتيح الخير من العلوم والأسماء التي بها ينفتح أبواب الجود على العالمين.
وقوله: (بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار) أي بنا يصل كل مخلوق إلى كماله؛ فإن كمالات الإنسان - التي هي المعرفة والعبودية - وكمالات كمالاته - التي هي كون المعرفة والعبودية كما ينبغي وعلى ما هي مطلوبة من العباد - إنما تحصل وتتم بهدايتهم وطاعتهم، وقال عز من قائل: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (2) فلولا هم (عليهم السلام) والهداية بهم لما خلقوا، ولولا خلقهم لما خلق ما سواهم، ولا أعطى لكل خلق منها كماله. ويحتمل أن يكون إثمار الأشجار، وإيناع الأثمار، وجري الأنهار، ونزول غيث السماء، ونبت عشب الأرض كناية عن ظهور الكمالات النفسانية والجسمانية، ووصولها إلى غايتها المطلوبة، وظهور العلوم الواصلة من المعلم إلى المتعلمين، وفيضان العلوم من مبادئها إلى منتهى سلسلة البدو، واستكماله بما ينجر به إلى العود.

1. في " ل ": " تظهر ".
2. الذاريات (51): 56.
(٤٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 ... » »»
الفهرست