ندامة دائما (وأكمش في فراغك) أي عجل وأسرع، أو تشمر وجد في فراغك عما يوجب الغر والخذلان لما يوجب العز والإحسان.
(قبل أن يقصد قصدك) أي نحوك يقال قصدت قصده أي نحوه (ويقضى قضاؤك) أي موتك، أو سوء خاتمتك.
(ويحال بينك وبين ما تريد) من التوبة والطاعات الأخلاق النافعة بعد الموت أو الرجعة إلى الدنيا وتمنيها بعده لتحصيل ما ينفع في الآخرة عند مشاهدة كرامة الأولياء وشقاوة الأشقياء، أو تأخير الأجل عند الاحتضار فنقول (رب لولا أخرتني إلى أجل قريب وفاصدق وأكن من الصالحين» والعاقل ينبغي أن يتصور أنه طلب الرجعة فرجع ويسعى في طلب الخيرات في كل زمان بقدر الإمكان ويحفظ نفسه عن الغفلة والنسيان والله هو المستعان.
* الأصل 21 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: فيما ناجي الله عز وجل به موسى (عليه السلام) يا موسى لا تركن إلى الدنيا ركون الظالمين وركون من إتخذها أبا وأما موسى لو وكلتك إلى نفسك لتنظر لها إذا لغلب عليك حب الدنيا وزهرتها، يا موسى نافس في الخير أهله وإستبقهم إليه، فإن الخير كاسمه واترك من الدنيا ما بك الغني عنه ولا تنظر عينك إلى كل مفتون بها وموكل إلى نفسه، وأعلم أن كل فتنة بدؤها حب الدنيا ولا تغبط أحدا بكثرة المال فإن مع كثرة المال تكثر الذنوب لواجب الحقوق ولا تغبطن أحدا برضى الناس عنه، حتى تعلم أن الله راض عنه ولا تغبطن مخلوقا بطاعة الناس له، فإن طاعة الناس له، وأتباعهم إياه على غير الحق هلاك له ولمن إتبعه.
* الشرح قوله: (يا موسى لا تركن إلى الدنيا ركون الظالمين) أريد بالظالمين أهل الدنيا مثل سلاطين الجور وأتباعهم ومن يحذو حذوهم في الركون إليها.
(وركون من إتخذها أبا وأما) شبه الدنيا بالأب والام وأهلها بالأطفال في الركون إليها والانس بها.
(يا موسى لو وكلتك إلى نفسك لتنظر لها) أراد بالنظر لها نظر ميل وإرادة وأما النظر إليها نظر تفكر وعبرة فهو يوجب الإعراض عنها.
(يا موسى نافس في الخير أهله) نافست في الشيء منافسة ونفاسا إذا رغبت فيه على وجه المبارات والمغالبة (واترك من الدنيا ما بك الغني عنه) أما ما لا غني عنه من الضروريات اللائقة