باب الصمت وحفظ اللسان * الأصل 1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام): من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت، إن الصمت باب من أبواب الحكمة، إن الصمت يكسب المحبة أنه دليل على كل خير.
* الشرح قوله: (من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت) الفقه العلم بالمنافع والمضار أو البصيرة في أمور الدين، وكون الصمت أي السكوت عما لا يعنى من علاماته ظاهر لأنه دال عليه كدلالة الأثر على المؤثر، وكذلك الحلم أي التثبت في الأمور. وأما العلم فلعل المراد به آثاره أعنى إثبات الحق وإبطال الباطل وترويج الدين وحل المشكلات، وهو بهذا الاعتبار من آثار الفقه وعلاماته الدالة عليه. فلا يرد أن العلم هو الفقه ولا يصح أن يكون الشيء علامة لنفسه.
قوله: (إن الصمت باب من أبواب الحكمة) لأن الحكمة وهي معرفة الأحكام وأحوال الموجودات والانقياد لله وفعل الخيرات لا تحصل إلا بالتفكر والتفكر لا يحصل أو لا يتم إلا بالصمت عن اللغو.
قوله: (إن الصمت يكسب المحبة) أي محبة الله تعال أو محبة الخلق وذلك لأن أكثر أسباب الكلام وأعظم مقامات المجاورة هو المجادلة والمنازعة والمخاصمة والجرح والغيبة والتهمة والفضول والتكذيب والمضحكة والكذب والمزاح الكثير وما لا يعنى وكل ذلك يوجب البغض والعداوة ويبعد عن الخير فالصمت عن ذلك يورث المحبة ويقرب من الخير (أنه دليل على كل خير) لأن السكوت عن الشر لكونه شرا دليل على الخير الذي هو ضده وأيضا السكوت عنه لاعن سهو ولا غفلة بل عن صفاه فكرة في عظمه الحق وآلائه وتواتر أياديه ونعمائه يوجب الارتقاء إلى مقام العبودية وتحقيق ولائه حتى يصير الغيب به كالعيان ويبلغ العبد لأجله إلى ذروة الإحسان ويتصف بالأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة، وإليه أشار أمير المؤمنين بقوله: «إذا كان في الرجل خلة رايعة فانتظر أخواتها» الخلة الخصلة والرابعة المعجبة من راعني الشيء أعجبني حسنه، يعني إذا كان في الرجل خصلة معجبة حسنة فانتظر أمثالها من الخصال الحسنة فإن بعضها يجذب بعضا ولا يبعد أن يكون الصمت من هذا القبيل.