باب الرضا بالقضاء * الأصل 1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن بعض أشياخ بني النجاشي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: رأس طاعة الله الصبر والرضا عن الله فيما أحب العبد أو كره ولا يرضى عبد عن الله فيما أحب أو كره إلا كان خيرا له فيما أحب أو كره.
* الشرح قوله: (قال: رأس طاعة الله الصبر والرضا عن الله فيما أحب العبد أو كره) الرأس العضو المعروف والأصل ومنه رأس المال والاشراف قدرا، ومنه رئيس القوم. وكل واحد منهما محتمل والأول من باب المكنية والتخييلية، والصبر نوع من العفة الحاصلة من الاعتدال في القوة الشهوية، وهو قوة للسان يقتدر بها على حبس نفسه على الأمور الشاقة مثل البليات والمصيبات، وفعل الطاعات وترك المنهيات، والرضا عن الله بقضائه فيما أحبه العبد مثل الصحة في الجسم، والسعة في الرزق، ونحوهما، أو فيما كرهه مثل القسم والضيق وغيرهما عبارة عن الإقبال إلى الواردات عن الحق وتلقيها بالقبول، والسرور بها لكونها تحفة وهدية منه تعالى له منافع كثيرة والقضاء الامر والحكم والخلق على وفق التقدير الأزلي، ومن ثمة قيل: القضاء والقدر متلازمان لا ينفك أحدهما عن الاخر إذ القدر بمنزلة الأساس والقضاء بمنزلة البناء ووجه كون الصبر والرضا رأس الطاعة ظاهر إذ بانتفاء الصبر في المصيبات والعبادات والمنهيات يتحقق الجزع والشكوى عن الله. وترك الطاعات وفعل المنهيات وكل ذلك يوجب انتفاء الطاعة، وبانتفاء الرضا يتحقق السخط وهو أيضا يوجب انتفاء الطاعة لأن بناء الطاعة على المحبة، وبناء السخط على البغض، وهما لا يجتمعان.
واعلم أن رضا العبد وسروره فيما أحب سهل. لأنه موافق لطبعه.
وأما رضاه فيما كرهه فصعب لأنه مخالف لطبعه وميله إلى شيء وإلى ضده مشكل، ومن ثمة ذهب جماعة من الناس إلى أن الرضا بما يستكرهه الطبع ويخالف هوى النفس كالبلايا والمصائب غير ممكن، وغاية ما يمكن هي الصبر عنه، والجواب عنه أن الرضا ثمرة المحبة الكاملة ومحبة العبد للرب إذا بلغت حد الكمال يمكن يرجح إرادته على إرادة نفسه، بل يمكن أن لا يرى لنفسه مرادا غير موارده تعالى لاستغراقه في بحر المحبة، أو لأن فعل المحبوب مثله محبوب أو لأنه لا يجد في نفسه الألم لاشتغال قلبه به. وغفلت عن نفسه فضلا عن الأمور الموافقة لها، كما أن المجاهد