* الأصل باب التفكر 1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: نبه بالتفكر قلبك، وجاف عن الليل جنبك; واتق الله ربك.
* الشرح قوله: (نبه بالتفكر قلبك) دل على أن القلب يغفل عن الحق والآخرة وما ينفع فيها وأنه لابد من تنبيهه عن الغفلة دائما بالتفكر واختلفت العبارة في تفسيره والمرجع واحد. قال الغزالي: حقيقة التفكر طلب علم غير بديهي من مقدمات موصلة إليه كما إذا تفكر أن الآخرة باقية وأن الدنيا فانية، فإنه يحصل له العلم بأن الآخرة خير من الدنيا وهو يبعثه على العلم للآخرة فالتفكر سبب لهذا العلم ، وهذا العم يقتضى حالة نفسانية وهو التوجه إلى الآخرة وهذا الحالة يقتضى العمل لها وقس على هذا فالتفكر موجب لتنور القلب وخروجه عن الغفلة، وأصل لجميع الخيرات، وقال المحقق الطوسي: التفكر سير الباطن من المبادي إلى المقاصد وهو قريب من النظر ولا يرتقى أحد من النقص إلى الكمال إلا بهذا السير ومباديه الآفاق والأنفس بأن يتفكر في أجزاء العالم وذراته، وفي الاجرام العلوية من الأفلاك والكواكب وحركاتها وأوضاعها ومقاديرها واختلافاتها ومقارناتها ومفارقاتها وتأثيراتها وتغييراتها، وفي الاجرام السفلية وتربيتها وتفاعلها وكيفيتها ومركباتها ومعدنياتها وحيواناتها، وفي أجزاء الإنسان وأعضائه من العظام والعضلات والعصبات والعروق وغيرها مما لا يحصى كثرة، ويستدل بها وبما فيها من المصالح والمنافع والحكم والتغيير على كمال الصانع وعظمته وعلمه وقدرته وعدم ثبات ما سواه، وبالجملة التفكر فيما ذكر ونحوه من حيث الخلق والحكمة والمصالح أثره العلم بوجود الصانع وقدرته ومن حيث تغييره وانقلابه وفنائه بعد وجود أثره الانقطاع عنه والتوجه بالكلية إلى الخالق الحق، ومن هذا القبيل التفكر في أحوال الماضين وانقطاع أيديهم عن الدنيا وما فيها ورجوعهم إلى دار الآخرة فإنه يوجب انقطاع المتفكر عن غير الله بالطاعة والتقوى، وكذلك أمر بهما بعد الامر بالتفكر، وقال (وجاف عن الليل جنك) وهو كناية عن الامر بالقيام للعبادة في ظلمات الليالي فإن العبادة فيها أفضل كما دلت عليه الآيات والروايات (وإتق الله ربك) بترك المحرمات بل المكروهات والمشتبهات.