* الأصل (باب آخر منه) 1 - أحمد بن محمد، عن الحسن بن موسى، عن أحمد بن عمر، عن يحيى بن أبان عن شهاب قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لو علم الناس كيف خلق الله تبارك وتعالى هذا الحلق لم يلم أخد أحدا.
فقلت: أصلحك الله فكيف ذاك؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى خلق أجزاء بلغ بها تسعة وأربعين جزءا.
ثم جعل الأجزاء أعشارا فجعل الجزء عشرة أعشار، ثم قسمه بين الخلق فجعل في رجل عشر جزء وفي آخر عشرى جزء حتى بلغ به جزءا تاما وفي آخر جزءا وعشر جزء وآخر جزءا وعشري جزء وآخر جزءا وثلاثة أعشار جزء حتى بلغ به جزئين تامين، ثم بحساب ذلك حتى بأرفعهم تسعة وأربعين جزءا، فمن لم يجعل فيه إلا عشر جزء لم يقدر على أن يكون مثل صاحب العشرين وكذلك صاحب العشرين لا يكون مثل صاحب الثلاثة الأعشار وكذلك من تم له جزء لا يقدر على أن يكون مثل صاحب الجزئين ولو علم الناس أن الله عز وجل خلق هذا الخلق على هذا لم يلم أحد أحدا.
* الشرح قوله: (لو علم الناس كيف خلق الله تبارك وتعال هذا الخلق لم يلم أحد أحدا) عدم اللوم باعتبار قصور في القوة النظرية أو في القوة العملية ظاهر ولذلك لايلام شارب الخمر مثلا لو ادعى عدم العلم بحرمته وأكن في حقه ولا من أنكر شيئا مما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا لم يبلغه بل اللازم عليه حينئذ هو الإرشاد والتعليم برفق والحاق الناقص بالكامل، كما دل عليه الثاني من هذا الباب، وأما إذا كانت القوتان كاملتين بأن علم مثلا وجوب شيء وقدر على فعله وتركه فإنه يلام قطعا ومنه يظهر الجمع بين الروايات الدالة على اللوم وعدمه فليتأمل.
قوله: (إن الله تبارك وتعالى خلق اجزاء بلغ بها تسعة وأربعين جزءا) (1) وما يتبعه من قوة الاعمال والاخلاق كالتوكل والزهد والورع واليقين والرضا وغيرها من الصفات النفسانية، فإنها تبلغ تسعة وأربعين، ثم جعل تلك الاجزاء أعشارا بأن جعل التوكل عشرة أجزاء، وقوة العمل عشرة أجزاء، وقوة والبصر كذلك وهكذا، والحاصل أنه قدر عمل البصر والسمع واللسان والرجل واليد وعمل القلب أعنى التصديق والاخلاق أعشارا، ويؤبده قوله (عليه السلام) في آخر الباب «وبعضهم أكثر صلاة من بعض وبعضهم أنفذ بصرا من بعض وهي الدرجات».