شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٣٩٩
في الدنيا مهلك بقوله:
(ولا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة) هذا أيضا تشبيه تمثيلي وفيه تزهيد في تناول زهرات الدنيا ومطعوماتها الشهية وكثرة الأكل منها فإن ذلك موجب لقوة النفس الإمارة وطغيانها وسبب لهلاكها ثم أمر بعتم الركون إلى الدنيا والاستقرار فيها للجمع والإدخار بقوله:
(ولكن اجعل الدنيا بمنزلة قنطرة على نهر) هذا أيضا تمثيل ووجه ظاهر إذ كل عاقل يعلم أن الدنيا محل العبور لا محل النزول كالقنطرة فأنظر هل ترى فيها من السابقين أحدا، ثم أمر برفض كل ما لا يحتاج إليه بقوله:
(أخربها ولا تعمرها فإنك لم تؤمر بعمارتها) لعل المراد بإخرابها ترك ما لا يحتاج إليه من المطاعم والمشارب والملابس والمساكن والمناكح والاقتصار على القدر الضروري في كل منها. إذ لا بد للسالك من زاد للدنيا وزاد للآخرة فزاد الدنيا القدر الضروري مما ذكر وكلما كان أقل فهو أحسن وأفضل وزاد الآخرة العلم والعمل وتهذيب الظاهر والباطن وهو كلما كان أتم وأكثر كان أحسن وأجدر. وفي قوله:
(وأعلم أنك ستسأل غدا) ترغيب في صرف قوة الشباب والعمر في طلب الدين والعمل به واكتساب المال من طرق الحلال وإنفاقه في الوجوه المشروعة وإرشاد إلى التأهب والاستعداد للجواب ومراقبة النفس ومحاسبتها في كل آن لئلا يقع في هاوية النقصان والخذلان.
(ولا تأس على ما فاتك من الدنيا - إلى آخره) وفيه ترغيب في تطهير القلب عن حب الدنيا أي لا تحزن على ما فاتك من قليل الدنيا وكثيرها.
(فإن قليل الدنيا لا يدوم بقاؤه) والعاقل لا يتأسف بقوات قليل لا بقاء له (وكثيرها لا يؤمن بلاؤه) والعاقل لا يتأسف بفوات ما يوقعه في الضرر والبلية (فخذ حذرك) الحذر «تهيئه كار» ولعل المراد به تجهيز أمر الآخرة بتطهير الظاهر والباطن (وجد في أمرك) لعل المراد به تحلية الظاهر والباطن بالأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة.
(وإكشف الغطاء عن وجهك) أي عن وجه قلبك. وغطاؤه ما يحجبه عن مشاهدة المعبود وملاحظة المقصود ويمنعه من الوصول إليه والتقرب منه من مفاسد العقائد ومقابح الأعمال والأخلاق، وكشفه رفعه الموجب لمشاهدة جلاله وكماله والاتصال به اتصالا روحانيا.
(وتعرض لمعروف ربك) وهو ما أراد منك، أو أجره في الآخرة، أو ما يفضيه على أهل العرفان (وجدد التوبة في قلبك) إشارة إلى أن التوبة أمر قلبي وهي الندامة عما مضى والعزم على عدم الإتيان بمثله، وإلى رجحان تجديد التوبة بعد التوبة لأن السالك لا بد أن يكون في ندامة بعد
(٣٩٩)
مفاتيح البحث: الأكل (1)، الهلاك (1)، الضرر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428