على بصيرة من نفسه ويقين من سرعة النزول في الآخرة ومشتاق إلى لقاء الله وحسن ثوابه والكرامة الأبدية المعدة للزاهدين لا إلى الدنيا وزهراتها. والصائف الحار. والقيلولة النوم قبل الزوال.
* الأصل 20 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يحيى بن عقبة الأزدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): مثل الحريص على الدنيا كمثل دودة القز، كلما ازدادت على نفسها لفا كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غما، قال: وقال أبو عبد الله (عليه السلام): كان فيما وغط به لقمان ابنه: يا بني إن الناس قد جمعوا قبلك لأولادهم فلم يبق ما جمعوا ولم يبق من جمعوا له، وإنما أنت عبد مستأجر قد أمرت بعمل ووعدت عليه أجرا فاوف عملك واستوف أجرك ولا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت في زرع أخضر فأكلت حتى سمنت فكان حتفها عند سمنها ولكن أجعل الدنيا بمنزلة قنطرة على نهر جزت عليها وتركتها ولم ترجع إليها آخر الدهر، أخربها ولا تعمرها. فإنك لم تؤمر بعمارتها، وأعلم أنك ستسأل غدا إذا وقفت بين يدي الله عز وجل عن أربع: شبابك فيما أبليته وعمرك فيما أفنيته ومالك مما إكتسبته وفيما أنفقته، فتأهب لذلك وأعد له جوابا، ولا تأس على ما فاتك من الدنيا، فإن قليل الدنيا لا يدوم بقاؤه وكثيرها لا يؤمن بلاؤه، فخذ حذرك، وجد في أرك واكشف الغطاء عن وجهك وتعرض لمعروف ربك وجدد التوبة في قلبك وإكمش فيه فراغك قبل أن يقصد قصدك ويقضى قضاؤك ويحال بينك وبين ما تريد.
* الشرح قوله: (مثل الحريص على الدنيا كمثل دودة القز) تشبيه تمثيلي في غاية الحسن واللطف ووجه التشبيه هو أن الدودة تفعل فعلا فيه هلاكها ونفع غيرها وهي لا تعلم وكذلك الحريص على الدنيا.
قوله: (كان فيما وعظ به لقمان ابنه يا بني إن الناس قد جمعوا قبلك لأولادهم فلم يبق ما جمعوا ولم يبق من جمعوا له) فيه تزهيد في صرف العمر في الفاني كما أن في قوله (وإنما أنت عبد مستأجر - إلى آخره) ترغيب في صرفه في الباقي للباقي والتشبيه بالمستأجر تمثيل للمعقول بالمحسوس فكما أن الأجير لا يستحق الأجرة بدون العلم كذلك أنت لا تستحق الثواب بدون العمل له، ويقرب منه ما روى عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال «الناس في الدنيا عاملان عامل للدنيا في الدنيا قد شغلته دنياه عن آخرته. يخشى على من يخاف الفقر يأمنه على نفسه فيفني عمره في منفعة غيره، وعامل عمل في الدنيا لما بعدها فجاءه الذي له من الدنيا بغير عمل فأحرز الحظين معا وملك الدارين جميعا، فأصبح وجيها عند الله لا يسأل الله حاجة شيئا ثم أشار إلى أن الحرص