باب الإقتصاد في العبادة * الأصل 1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن هذا الدين متين فأغلوا فيه برفق ولا تكرهوا عبادة الله إلى عباد الله، فتكونوا كالراكب المنبت الذي لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقي. محمد بن سنان، عن مقرن، عن محمد بن سوقة، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله.
* الشرح قوله: (إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق) اسم الدين يقع على جميع ما تعبد الله به خلقه من توحيده وطاعته والانقياد لحكمه وهو جملة الإسلام كما قال تعالى «إن الذين عند الله الإسلام» ووصفه بأنه متين أي قوي شديد من متن الشيء من متن الشيء - بالضم - متانة اشتد وقوى فهو متين التنبيه على أنه لا يقدر على تحمله إلا المؤمنون ذلك كما قال الله تعالى في وصف الصلاة ( وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين» وهم المؤمنون العارفون، وإلا يغال السير الشديد، يقال أوغل القوم وتوغلوا إذا أمعنوا في سيرهم، والمنبت الرجل الذي انقطع به في سفره وعطبت راحلته وهو مطاوع بته بتا من باب ضرب وقتل أي قطعه يعني سيروا فيه سيرا سريعا وأبلغوا الغاية القصوى منه بالرفق ولا تحملوا على أنفسكم من العمل ما لا تطيق فينقطع كالذي لا يقطع طريقه ويهلك راحته. والمراد بالرفق الإقتصاد في العبادة وترك التعمق فيها لأن التعمق فيه يوجب غالبا كراهة النفس لها وبغضها إياها والإعراض عنها وهو مذموم قطعا ولقد أحسن في إيضاح المقصود بالإتيان بالتمثيل البديع لأنه شبه النفس الناطقة في السير إلى الله بالمسافر. وشبه البدن وقواه بالمركوب لأن النفس في سيرها تحتاج إليهما كما أن المسافر في سيره يحتاج إلى المكروب وكما أن المسافر إذ جد في السير جدا وحمل على مركوبه أثقالا كثيرة يهلك دابة قبل أن يقطع سبيله ويبلغ مقصده فيبقى متحيرا كذلك النفس إذا جدت في طرق الأعمال وحملت على مركوبها أعمالا كثيرة شاقة تمل البدن وتكل قواه وذلك يضعفهما ويهلكهما فتبقى متحيرة قبل الوصول إلى المطلوب فلا بد لها من ترك الإفراط والتفريط واختيار التوسط كما أنه لا بد من ذلك لذلك المسافر.
وبالجملة العبادة خلاف مقتضى الطبع فلا بد من أه يسلك فيه سبيل التدريج والمداراة ليكون له نشاط في الأعمال والأفعال وهذا في المرغبات وأما المفروضات فلا بد من أدائها وتعاهدها في