شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٣٥
باب كيف أجابوا وهم ذر * الأصل 1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف أجابوا وهم ذر؟ قال: جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه، يعني في الميثاق.
* الشرح قوله: (جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه) «ما» موصولة والعائد محذوف أي أجابوه به والمراد به القوة الاستعدادية للنفس الناطقة القابلة (1)

1 - قوله «والمراد به القوة الاستعدادية للنفس الناطقة» قال العلامة المجلسي (قدس سره) أعلم أن آيات الميثاق والأخبار الواردة في ذلك يقصر عنه عقول أكثر الخلق وللناس فيها مسالك: الأول طريقة المحدثين والمتورعين، فأنهم يقولون نؤمن بظاهرها ولا نخوض فيها ولا نطرق فيها التوجيه والتأويل، والثاني حملها على الاستعارة والمجاز والتمثيل، والثالث حملها على أخذ الميثاق في عالم التكليف بعد إكمال العقل بالبرهان والدليل إنتهى. وهو مشتبه المراد لا أدرى مقصود (قدس سره) إلا أن المسلك الثالث يشير إلى ما أختاره المفيد والسيد المرتضى والطبرسي وجماعة من أعاظم الطائفة في تفسير آية «وإذ أخذ لك من بنى آدم من ظهورهم آه» وأما كلام الشارح فمعناه معلوم لنا ونشير إليه إن شاء الله ببيان أوضح. ثم أن الاستصعاب والاشكال في هذه الأخبار على ما أتعقله أنها تستلزم الجبر وليس غيرها من الشبه مما يعتد به وطريقة المحدثين والمتورعين ما ذكره المجلسي (قدس سره) إن كان بعد القطع ببطلان الجبر كما هو مذهب أهل البيت (عليهم السلام) لزم عدم ايمانهم بظاهر هذه الأخبار، فإن ظاهرها الجبر والظلم فلا معنى لقوله (رضي الله عنه) نؤمن بظاهرها فلا محيض عن تأويلها وإن أراد والايمان بظاهرها وان لزم الجبر فهو انكار لسائر الأحاديث والأخبار، وأما الحمل على الاستعارة والمجاز فلم يبين (رضي الله عنه) أن أي لفظ استعارة عن أي معنى، يحتمل أن يراد به ما ذكره الشارح أو ما ذركه المفيد عليه الرحمة، وبالجملة ما يدل من الروايات على الجبر فالوجه طرحه أو تأويله ولكن ليس جميعها كذلك فمنها ما لا يستفاد منه إلا علمه تعالى بحال عباده ومع قطع النظر عن شبهة الجبر فلا أرى في المعنى المتفق عليه بين أخبار الميثاق والذر شبهة يصعب حلها مثل ما رووا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) «لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة من ذريته إلى يوم القيامة» وما روى فيها معنى معقول لا استحالة له أصلا بل ليس من الغرائب أيضا فإن رؤية الأنبياء بعض ما سيأتي بعدهم في ما يرون من الغيوب أمر معتاد. وقد رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بني أمية في صورة القردة ينزون على منبره يرجعون بالناس القهقرى، فإن قيل هذا كان نوما قلنا يتفق للأنبياء أن يروا يقظة من الغيوب مثل ما يرى في المنام، قال المفيد (رضي الله عنه) في بعض كلامه فانبأه الله يعني أنبأ الله آدم بما يكون من ولده وشبههم بالذر الذي أخرجهم من ظهره وجعله علامة على كثرة ولده انتهى. وكذلك لا يبعد تمثيلهم بغير صورتهم في الرؤيا وكون بعضهم نورانيا وبعضهم ظلمانيا لأن الرواية دلت على أن آدم رأى على بعضهم نورا لا ظلمة فيه وعلى بعضهم ظلمة لا نور فيه ولا يوجب هذا جبرا كما لا يوجب رؤية نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) بني أمية يرجعون بالناس القهقرى جبرا، وأما آية «وإذ أخذ وبك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى» فحمله على مفاد أحاديث الذر خلاف ظاهر الآية بل صريحها وإن كان حديث الذر معقولا صحيحا فإنه عالي قال «من بني آم من ظهورهم» ولم يقل من آدم من ظهره، ومعنى الآية أن الله تعالى يخلق تدريجا في كل زمان من ظهور الآباء أبناءهم ويعطيهم من العقل والإدراك ما يلتفت به إلى وجوده، فإن الجنين إذا بلغ مبلغا يدرك نفسه وخرج عن رتبة النباتية إلى الحيوانية وله عقل هيولاني في اصطلاح الحكماء جعله الله مستعدا لا ينظر في آثار صنعه ويعرف الصانع صدق عليه قوله تعالى «أشهدهم على أنفسهم» فالحق مع المفيد والسيد المرتضى ومن تبعهما في تفسير الآية. وههنا اشكالات أخرى ذكرها الفخر الرازي في تفسير وهي تشبه أحاديث المجانين يتعجب من صدورها من مثله لا نطيل الكلام بنقلها ولعلنا نشير إليه في موضع آخر أليق إن شاء الله تعالى. (ش)
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428