باب كظم الغيظ * الأصل 1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هاشم بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليهم السلام) يقول: ما أحب أن لي بذل نفسي حمر النعم، وما تجرعت جرعة أحب إلي من جرعة غيظ لا أكافي بها صاحبها.
* الشرح قوله: (ما أحب إن لي بذل نفسي حمر النعم) ذل النفس بالكسر سهولتها وإنقيادها وهي ذلول، وبالضم مذلتها وضعفها وهي ذليل، والنعم المال الراعي وهو جمع لا واحد له من لفظه، وأكثر ما يقع على الإبل قال أبو عبيد: النعم الجمال فقط ويؤنث ويذكر وجمعه نعمان مثل حمل وحملان وإنعام أيضا، وقيل النعم الإبل خاصة، والأنعام ذوات الخف والظلف هي الإبل والبقر والغنم، وقيل تطلق الأنعام على هذه الثلاثة فإذا انفردت إلا بل فهي نعم وإن انفردت البقر والغنم لم تسم نعما، والمعنى إن ذل نفسي وإنقيادها أو مذلتها بكظم الغيظ أو مطلقا أحب إلى من حمر النعم أملكها أو أتصدق بها وإلا خير أظهر لأن شأنه (عليه السلام) أرفع من أن يحب الدنيا وما فيها، وفيه حض بليغ على كظم الغيظ، وحمر النعم خيارها.
قوله: (وما تجرعت جرعة أحب إلى من جزعة غيظ لا أكافي بها صاحبها) الجرعة من الماء كاللقمة من الطعام وهو ما يجرع مرة واحدة والجمع جرع مثل غرفة وغرف، وتجرع الغصص مستعار منه وأصله الشرب من عجلة، وقيل الشرب قليلا قليلا وإضافة الجرعة إلى الغيظ من باب لجين الماء، والغيظ صفة للنفس عند إحتدادها موجبة لتحركها نحو الانتقام والكلام تمثيل. لا يقال الغيظ أمر جبلي لا إختيار للعبد في حصوله فكيف يكلف برفعه لأنا نقول هو مكلف بتصفية النفس على وجه لا يحركها أسباب الغيظ بسهولة وإن اثرت تلك الأسباب فيها وحصل الغيظ له فهو مكلف بتأديب الغيظ بحيث لا يغلب على العقل والشرع وكلا الأمرين مقدور له.
* الأصل 2 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، وعلي بن النعمان، عن عمار بن مروان، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: نعم الجرعة الغيظ لمن صبر عليها، فإن عظيم