* الأصل باب المكارم 1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، به الهيثم بن أبي مسروق، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن الحسين بن عطية، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المكارم عشر فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن، فإنها تكون في الرجل ولا تكون في ولده وتكون في الولد ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد ولا تكون في الحر، قيل: وما هن؟ قال: صدق البأس وصدق اللسان وأداء الأمانة وصلة الرحم وإقراء الضيف وإطعام السائل والمكافاة على الضايع والتذمم للجار والتذمم للصاحب ورأسهن الحياء.
* الشرح قوله: (قال المكارم عشر) المكرمة بزرگى وبزرگوارى والمكارم بزرگيها وبزرگواريها وينبغي أن يعلم أن النفس الناطقة إذا تركت سلطنتها في ملك البدن وصارت مأسورة في يد قواه حصلت له أخلاق مهلكة مثل الكذب والخيانة والحرص والحسد والفخر والغضب والبخل وقطع الرحم وأمثال ذلك مما يعد في الكتاب ثم تسرى تلك الأخلاق إلى الأعضاء الظاهرة منها الضرب والقتل والنهب والبهتان ونحوها، وبذلك تبعد عن رب العالمين وتستقر في أسفل السافلين وإن راعت سلطنتها فيه وأسرت قواه وأعطت كل واحدة ما فيه صلاحها عقلا وشرعا حصلت لها أخلاق صالحة منجية مثل حسن الخلق والرفق والحكمة والعدالة والشجاعة وأمثالها مما يعد في هذا الكتاب أيضا ويصدر بسببها من الأعضاء أفعال حسنة ومكارم فاضلة مثل الصدق وأداء الأمانة وغيرهما من الامور المذكورة وإن المكارم غير منحصرة فيما ذكرو ان اطلاقها عليه مجاز من باب تسمية السبب باسم المسبب لأن ما ذكر من الأفعال سبب لمكارم النفس (فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن) دل على أنها كسبية تحصل بمشقة الإكتساب والمجاهدة مع النفس الامارة ورياضتها ، وقد بالغ في ذلك بقوله:
(فإنها تكون في الرجل، ولا تكون في ولده، وتكون في ولده ولا تكون في أبيه وتكون في العبد ولا تكون في الحر) للتنبيه على أنها نعمة عظيمة يمن الله على عباده ممن أخذت يده العناية الإلهية وتوجهت إليه التوفيقات الربانية بحسن سياسته وكمال عزيمته وتمام إرادته إلى معالى الامور.
(قيل: وما هن؟ قال: صدق البأس) أي الخوف أو الخضوع أو الشدة والفقر ومنه البائس الفقير