شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٣٩٧
وهو الزهد في الدنيا ورغبه فيه بقوله (إلا ما ينفع خيره ويضر شره إلا من رحم الله) الظاهر أن «إلا» حرف تنبيه وما نافية والضمير البارز راجع إلى شيئا والجملة بيان لما قبلها يعنى أن شيئا من الدنيا ليس شيئا يعتد به ويركن إليه العاقل لأنه أما خير أو شر وخيره لا ينفع لأنه في معرض الفناء والزوال وشره يضر إلا من رحم الله وهو الذي عصمه من الشر وفيه زجر عن التعرض لشيء منها وإنما قال من الدنيا ولم يقل في الدنيا لأن في الدنيا شيء يعتد به إذا كان متعلقا بالآخرة فخيره يطلب وشره يترك ولما كان سبب الغفلة في الأكثر هو الاشتغال بالأهل والمال وصرف العمر في رعايتهما وحفظهما نهى عن ذلك بقوله (يا مبتغى العلم لا يشغلك أهل ولا مال عن نفسك) أي عن تحصيل ما ينفعك في يوم لا ينفع مال ولا بنون كما قال جل شأنه (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون».
ثم رغب في تركها وحكم بأنه سهل لقة زمانها بقوله (أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت عنهم إلى غيرهم) التشبيه بالضيف في قلة الإقامة وقرب الرحيل وفيه مع ما يليه تنبيه على سرعة الإنتقال والنزول في الآخرة ومشاهدة أهوالها وكراماتها وتحريص على تحمل المشاق فيها وتحصيل زاد الآخرة.
(يا مبتغى العلم قدم لمقامك بين يدي الله عز وجل) أي قدم العمل والعمل متوقف على العلم ولذلك خاطب مبتغيه بذلك، وفي قوله «كما تدين تدان» تنبيه على وجوب حسن المعاملة مع الرب إذا كان حسن جزائه بقدر حسن المعاملة معه وقبحه بقدر قبحها. ويؤيده ما روى «وكما تزرع تحصد» لفظ الزرع مستعار لما يفعله الإنسان من خير أو شر، ولفظ الحصد لما يثمر ذلك الفعل من ثواب أو عقاب، ووجه الإستعارتين ظاهر.
* الأصل 19 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): مالي وللدنيا وما أنا والدنيا إنما مثلي ومثلها كمثل الراكب رفعت له شجرة في يوم صائف فقال تحتها ثم راح وتركها.
* الشرح قوله: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما لي وللدنيا؟ وما أنا والدنيا؟) ومن طريق العامة روى عن إن مسعود أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نام على حصير فقام وقد أثر في جسده فقالوا لو أمرتنا أن نبسط لك ونعمل فقال «مالي وللدنيا؟ وما أنا والدنيا إلا كراكب إستظل تحت شجرة ثم راح وتركها» وهذا من التشبيه التمثيلي ووجه التشبيه سرعة الرحيل وقلة المكث وعدم الرضا به فقد أشار (عليه السلام) إلى أنه
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428