* الأصل باب 1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن الأحول، عن سلام ابن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ألا إن لكل عبادة عبادة شرة تصير إلى فترة، فمن صارت شرة عبادته إلى سنتي فقد اهتدى ومن خالف سنتي فقد ضل وكان عمله في تباب أما إني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأضحك وأبكي فمن رغب عن منهاجي وسنتي فليس مني.
وقال: كفي بالموت موعظة، وكفى باليقين غني، وكفى بالعبادة شغلا.
* الشرح قوله: (ألا أن لكل عبادة شرة ثم تصير إلى فترة فمن صارت شرة عبادته إلى سنتي فقد اهتدى) الشرة وزان الشدة: الحدة والرغبة والنشاط في العمل والفترة بفتح الفاء الضعف الكسل فيه وأصلها الإنكسار، يقال فتر عن العمل فترة وفتورا إذا إنكسر حدته، ولعل المراد أن للمبتدي في العبادة نشاطا تاما وإرادة حادة ورغبة كاملة تبعث النفس على الجد فيها وتحمل مشاقها فإذا دام ذلك يعتري النفس فتور وضعف عن العبادة إما لملال الطبع وسآمته أو لمنع من جهة الحق عز وجل يمتحن به العباد ليريه عجزه فلا يعجب بعمل نفسه بل يرى تمكنه من العمل بحسن توفيقه أو ليختبر ما عنده من الصدق فإن هو سكن ولم يتألم لذلك فلا يردها عليه فإنه لا يعرف قدرها وإن هو توجع وتضرع وجزع فردها إليه وزاده ثم بين حال الشرة بقوله «فمن صارت شرة عبادته إلى سنتي » أي طريقتي وهي طريقة العدل والاقتصاد ولم تتجاوز عنها فقد اهتدى لأن طريق الإقتصاد قلما يعتريه الفتور وأما المتجاوز عنه فإنه في معرض الفتور لسآمة النفس وملالها غالبا كما يظهر من الباب الآتي. هذا الذي ذكرنا على سبيل الاحتمال والله أعلم بحقيقة الحال.
قال (كفى بالموت موعظة) الموعظة هي الزاجرة عن الدنيا الركون إليها والداعية إلى الآخرة وقرب الحق وأعظمها هو الموت إذ العاقل إذا تفكر فيه وفي غمراته وما يعقبه من أحوال البرزخ والقيامة وأهوالها والحساب والعقاب وما فعله بأهل الدنيا من قطع أيديهم عنها وإخراجهم منها طوعا أو كرها هانت عنده الدنيا وما فيها واجتهد في الطاعة وتحرز عن المعصية (وكفي باليقين غني) الغني ما يغنى عن غير الله تعالى ويرفع الحاجة إليه واليقين بالله وباليوم الآخر وبحصول ما وعده الله من الجزاء والإرزاق أقوى ما يغني عن غير الله سبحانه لأنه نور موجب لوصول السالك إلى الحق واتصاله به اتصالا معنويا بحيث لا يشاهد غيره فضلا عن الاحتياج إليه (وكفى بالعبادة