شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٣٨٩
وسار والمراد بادبار الدنيا تقضيها وانصرامها ففيه إشارة إلى تقضى الأحول الدنيوية الحاضرة بالنسبة إلى كل أحد من صحة وشباب وجاه ومال وكل ما هو سبب لصلاح حاله في الدنيا لدنوها من الإنسان ولما كانت هذه الامور دائما في التغير والتقضي المقتضى لمفارقة الإنسان لها بعدها عنه حسن اطلاق اسم الادبار على تقضيها وبعدها، وتشبيهها بالحيوان في الادبار مكنية واثبات الارتحال لها تخييلية، ونسبة الادبار إليها ترشيح، وأشار إلى أن الأخرة على عكس ذلك بقوله:
(وأن الآخرة قد ارتحلت مقبلة) الآخرة عبارة عن دار جامعة لأحوال يعود إليها الناس بعد الموت من طاعة ومعصية وسعادة وشقاوة وغيرها ولما كان تقضى العمر شيئا فشيئا باعثا للوصول إلى تلك الدار والورود على ما فيها من خير أو شر كان كل أحد متوجها إليها وإعتبر توجهها إليه أيضا فشبهها بحيوان حامل لأثاث تلك الأحوال مقبلا إليه فعن قريب يتلا قياق (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال شرا يره» وإلى مضمون الفقرتين أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: «كل ماض فكان لم وكل آت فكان قد» أي كان لم يكن وكان قد أتى حذف الفعلان لظهورهما (ولكل واحدة منهما بنون) استعار لفظ البنين للخلق بالنسبة إلى الدنيا والآخرة ولفظ الأدب لهما ووجه الاستعارة أن الابن لما كان من شأنه الميل إلى الأب بحسب الطبع أو بحسب توقع النفع ومن شأن أبيه إيصال المتوقع وكان الخلق منهم من يميل إلى الدنيا لتوقع النفع وهي يوصله إليه ومنهم من يميل إلى الآخرة لذلك شبه الخلق بالابن والدنيا والآخرة بالأب واستعار لفظ الابن لهم ولفظ الأب لهما لتلك المشابهة المذكورة ولما كان غرضه حث الخلق على الآخرة والميل إليها والإعراض عن الدنيا قال (فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا) لأن منافع الدنيا خيالية باطلة وسموم قاتلة ومنافع الآخرة حقائق دائمة وفوائد باقية أبدا فينبغي أن تكونوا والهين إليها وراغبين فيها وعاملين لها وأشار إلى أن المقصود ليس مجرد رفض الدنيا وترك العمل لها بل هو مع إزالة حبها عن القلب بقوله:
(وكونوا من الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة) لأن الزهد هو رفض الدنيا ظاهرا وباطنا ولا يتحقق الرغبة في الآخرة إلا به فأشار إلى بعض آثار الزهد وعلاماته بقوله: (ألا أن الزاهدين في الدنيا اتخذوا الأرض بساطا والتراب فراشا والماء طيبا وقرضوا من الدنيا تقريضا) البساط فعال بمعنى مفعول كالكتاب بمعنى المكتوب والفراش بمعنى المفروش والطيب اللذيذ أو العطر والتقريض بمعنى التقطيع وإزالة الاتصال من قرضت الثواب إذا قطعته بالمقراض، أو بمعنى التجاوز من قرضت الوادي إذا جزته أو بمعنى العدول من قرضت المكان إذا عدلت عنه، وبعض أطوار الزاهد ما أشار إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف عيسى على نبينا «وعليه الصلاة والسلام بقوله:
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428