شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٣٩٣
قدومهم الآخرة. والمراد بالمؤمنين المؤمنون الكاملون وهم الكرماء والمتورعون في مكاسبهم والملازمون فيها للأعمال الجميلة الصالحة والأخلاق الفضيلة الكاملة وأداء الحقوق النفسية والبدنية البالغون بذلك إلى أعلى مراتب المحبة وأقصى معارج اليقين، ثم بالغ في الحث على الزهد في الدنيا بقوله:
(يا جابر الآخرة دار قرار والدنيا دار فناء وزوال ولكن أهل الدنيا أهل غفلة) للتنبيه على أنه لا ينبغي ايثار الفاني على الباقي ولكن أهل الدنيا لما كانوا جاهلين بقبائح الدنيا غافلين عن أمر الآخرة واختاروا الزائل ترجيحا للشاهد على الغائب وهو محل التعجب ولذلك قال أمير المؤمنين (عليه السلام) « عجبت لعامر دار الفناء وتارك دار البقاء» ثم أشار إلى أن كمال الإيمان والزهد في الدنيا يتحققان بالفقه والفكرة والعبرة بقوله:
(وكأن المؤمنين هم الفقهاء أهل فكرة وعبرة لم يصمهم عن ذكر الله جل اسمه ما سمعوا بآذانهم) من أخبار بسطة أيدي السابقين والقاصين وكثرة أموالهم وشدة تمكنهم من الدنيا (ولم يعمهم عن ذكر الله ما رأوا) في أهل الدنيا - (ومن الزينة بأعينهم ففازوا) لترك الدنيا (بثواب الآخرة كما فازوا بذلك العلم) إذ بتفقههم يعرفون الخير والشر ويميزون بين الحق والباطل وبين الباقي والزائل وبفكرتهم يتفكرون في أحوال ما بعد الموت إلى أن يدخل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، وفي أهوال ما يرد عليه الإنسان بعده من المقامات وصعود بالتخلص منها وبالعبرة يعتبرون بأنفسهم في كيفية وصول الرزق إليهم حين كونهم أجنة في بطون أمهاتهم من غير إختيار ولا عمل لهم، وبأحوال الماضين وما كانوا فيه من نعيم الدنيا ولذاتها والمباهات بكثرة الأموال والأعوان، ثم المفارقة لذلك كله بالموت أو الاخذ، وبقاء الحسرة والندامة والأعمال وعلائق الدنيا حجبا حائلة بينهم وبين الرحمة وحضرة جلال الله وذلك يبعثهم على الزهد في الدنيا والإقبال ظاهرا وباطنا إلى الله تعالى والسعي للآخرة رحم الله من تفقه وتفكر وإعتبر فأصبر، ثم أشار إلى جملة من حالات الزاهدين وصفات المتقين بقوله: يا جابر ان أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة) أي ثقلا لأنهم لا يتحملون من الدنيا إلا القدر الضروري في التعيش والبقاء (وأكثرهم لك معونة) لأنهم مستعدون لإعانة المحتاجين في أمور الدنيا والدين سألوا أم لا كما أشار إليه بقوله (تذكر) أي حاجتك، (فيعينونك) فيها (وإن نسبت ذكروك) وأرشدوك إليها وإلى طريق قضائها، ثم يعينونك مع الحاجة إلى الإعانة (قوالون بأمر الله) لأن شأنهم إرشادهم وهدايتهم للخلق إلى ما فيه صلاحهم وزجرهم عما فيه فسادهم (قوامون على أمر الله) يحفظونه من الزيادة والنقصان ويمنعون عنه تصرف أهل الجهل والطغيان فهو
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428