من الله بالقليل من الرزق قبل الله منه اليسير من العمل ومن رضي باليسير من الحلال خفت مؤونته وزكت مكسبته وخرج من حد الفجور.
* الشرح قوله: (كن كيف شئت هذا مثل قوله تعالى «اعملوا ما شئتم» وفيه وعد بالخير ووعيد على الشر كما أن في قوله:
(كما تدين تدان) إشارة إلى أن جزاء خير جزاء الشر شر، وترغيب في حسن المعاملة معه تعالى. ثم ذكر للرضا باليسير ثلاثة أوجه للترغيب فيه فقال:
(ومن رضى باليسير من الحلال خفت مؤونته وزكت مكسبته وخرج من حد الفجور) الوجه الأول خفة المؤونة أعنى الثقل والمشقة فإن المشقة في طلب اليسير وحفظه يسير خفيف، والثاني زكاء مكسبه فإن المكسب المشروع لليسير كثير والمكسب المشروع زكى. والثالث الخروف من حد الفجور لما عرفت من زكاء مكسبه مع تنزعه عن الحقوق المالية والميل إلى الدنيا المستلزمة للفجور بخلاف طالب الكثير فإن المكسب الغير المشروع الكثير قليل جدا مع ما يلزمه من الحقوق المالية التي فلما يقوم بها طالبه والركون إلى الدنيا المستلزمة لجميع الفجور والمفاسد.
* الأصل 5 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن عرفة، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: من لم يقنعه من الرزق إلا الكثير لم يكفه من العمل إلا الكثير ومن كفاه من الرزق القليل فإنه يكفيه من العمل القليل.
6 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين صلوات لله عليه يقول: ابن آدم إن كنت تريد من الدنيا ما يكفيك فإن أيسر ما فيها يكفيك وإن كنت إنما تريد ما لا يكفيك فإن كل ما فيها لا يكفيك.
* الشرح قوله: (قال أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول ابن آدم إن كنت تريد من الدنيا ما يكفيك) أي أن كنت تريد من الدنيا ما يغنيك عن غيره فإن أيسر ما فيها يغنيك وهو القدر الضروري الذي يتوقف عليه حياتك وقوتك على الطاعة وهذا القدر يأتيك قطعا وتحصيله هيه، وإن كنت تريد ما لا يغنيك فإن كل ما فيها لا يغنيك فإنك حريص في جمع الدنيا ما لا يحتاج إليه. مراتب الحرص غير محصورة فلو فرض أنه جمع لك الدنيا وما فيها تطلب الزائد عليها. ومثل هذا الحديث قول أمير المؤمنين (عليه السلام) «كل مقصر عليه كاف» يعني كاف في مطلوب المقتصر من بقائه وقوته على