فكاك رقابهم) جأر كمنع رفع صوته بالدعاء وتضرع واستغاث، وفيه إشارة إلى كماله في القوة العملية بارتكاب العبادات والتضرع والاستغاثة إلى الله والخوف منه والترقب بما عنده من الكرامة والعفو من التصير، وذكر الليل لأن العبادة فيه أشق وأقرب إلى القربة والقلب فيه أفرع. (وأما النهار فحلماء علماء بررة أتقياء كأنهم القداح، قد براهم الخوف من العبادة) أما النهار عطف على أما الليل وكلاهما يجوز فيه الرفع على الابتداء والنصف على الظرفية. والحلم فضيلة تحت ملكة الشجاعة وهي الوسط بين رذيلتي المهابة والافراط في الغضب. والعلم إشارة إلى كمالهم في القوة النظرية بالعلم النظري والشرعي وهو معرفة الصانع وصفاته وأحكامه الشرعية. والبر بالفتح والبار الصادق أو التقى وهو خلاف الفاجر وجمع الأول أبرار وجمع الثاني بررة مثل كافر وكفرة وفاسق وفسقة والمعنى أنهم خائفون من الله تعالى وتاركون جميع القبايح البدنية والنفسانية، وأشار إلى ثمرة خوفهم بقوله: «كأنهم القداح» وهي بالكسر جمع القدح بالكسر والتسكين وهو السهم قبل أن يراش ويركب عليه نصله وأشار إلى وجه الشبه بقوله «قد براهم الخوف من العبادة» وبراهم بفتح الباء وتخفيف الراء مثل هداهم من البري «وهو تراشيدن تير» يعني قد براهم الخوف كبر القداح في النحافة والدقة وإنما يفعل الخوف ذلك لإشتغال النفس المدبرة للبدن بسبب الخوف عن النظر في صلاح البدن ووقوف القوة الشهوية والغاذية عن أداء بدل ما يتحلل.
(ينظر إليهم الناظر) من أهل الدنيا الذي طوره غير طورهم (فيقول مرضى) أي هم مرضى نظرا إلى نحاقة أجسادهم (وما بالقوم من مرض أم خولطوا) أي اختلت عقولهم نظرا إلى تكلمهم بكلام خارج عن دركه (فقد خالط القوم أمر عظيم) وهما الخوف من ذكر النار وما فيها وفيه إشارة إلى ما يعرض لبعض العارفين عند ذكر النار وما فيها وإتصال نفسه بالملأ الأعلى، واشتغاله عن تدبير البدن وضبط حركاته وسكناته على نحو حركات أهل الدنيا وسكناتهم من نحول جسمه وتغير هيئته وتكلمه بكلام خارج عن طور كلامهم مستبشع عندهم فينبسه الناظر منهم تارة إلى المرض الجسماني وتارة إلى المرض الروحاني وهو اختلاط العقل واختلاله بالجنون فقال (عليه السلام) أما المرض فمنتف، وأما المخالطة فمتحققة لكن لا بالجنون ونقصان العقل كما توهموا، بل الخوف والذكر والاتصال. وهي داء للنفس يشفيها من جميع الأمراض المهلكة.
* الأصل 16 - عنه، عن علي بن الحكم، عن أبي عبد الله المؤمن، عن جابر قال: دخلت علي أبي جعفر (عليه السلام) فقال: يا جابر والله إني لمحزون وإني لمشغول القلب، قلت: جعلت فداك وما شغلك؟ وما حزن قلبك؟ فقال «: يا جابر أنه من دخل قلبه صافي خالص دين الله شغل قلبه عما سواه، يا جابر ما