شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٣٨٦
سئل علي بن الحسين (عليهما السلام) أي الأعمال أفضل عند الله عز وجل؟ فقال: ما من عمل بعد معرفة الله جل وعز ومعرفة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل من بغض الدنيا وإن لذلك لشعبا كثيرة وللمعاصي شعبا، فأول ما عصي الله به الكبر وهي معصية إبليس حين أبي واستكبر وكان من الكافرين، والحرص وهي معصية آدم وحواء حين قال الله عز وجل لهما: (كلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) فأخذا مالا حاجة بهما إليه فدخل ذلك على ذريتهما إلى يوم القيامة وذلك أن أكثر ما يطلب ابن آدم مالا حاجة به إليه، ثم الحسد وهي معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله، فتشعب من ذلك حب النساء وحب الدنيا وحب الرئاسة وحب الراحة وحب الكلام وحب العلو والثروة، فصرن سبع خصال، فاجتمعن كلهن في حب الدنيا، فقال الأنبياء والعلماء بعد معرفة ذلك: حب الدنيا رأس كل خطيئة، والدنيا ديناءان دنيا بلاغ ودنيا ملعونة.
* الشرح قوله: (وإن لذلك لشعبا كثيرة وللمعاصي شعبا) شعب الزهد أضداد شعب المصعية اعني التواضع وهو ضد الكبر والقنوع وهو ضد الحرص والرضا بما آتاه الله وهو ضد الحسد والمذكورات من باب التمثيل وإلا فجنود العقل كلها شعب الزهد وجنود الجلل كلها شعب المعصية (والحرص وهي معصية آدم) قال الله تعالى (وعصى آدم ربه فغوى» قال من نزه الأنبياء عن الذنوب: أن النهي عن تناول الشجرة نهي تنزيه لا تحريم فيكون التناول ترك أولى وأفضل. وأورد عليهم بأن اطلاق اسم العاصي على آدم بهذا الاعتبار يوجب أن يوصف الأنبياء (عليهم السلام) بأنهم عصاة إذ لا يكاد انفكاكهم عن ارتكاب مثل هذا المعنى. وأجيب بأن اسم العاصي على آدم بهذا المعنى مجاز والمجاز لا يقاس عليه ولا يتعدى عن موضعه وعلى تقدير جواز القياس عليه بطلان الثاني ممنوع إذ لا محذور في أطلاق اسم العاصي عليهم بهذا الاعتبار (فدخل ذلك) أي الحرص وأخذ مالا حاجة به (وذلك أن أكثر ما يطلب ابن آدم) إنما قال أكثر لأن قدر الكفاف لابد منه وتحصيله عبادة لإحتياج قوام البدن وفعل الطاعات عليه (فتشعب من ذلك) أي من ذلك المذكور وهو الكبر والحرص والحسد وتخصيص الإشارة بالحسد بعيد بحسب المعنى وإن كان قريبا بحسب اللفظ (فصرن سبع خصال) أي فصارت شعب المعاصي المذكورة وهي الكبر والحصر الحسد (كلهن في حب الدنيا) والظرفية باعتبار الأكثر وإلا فحب الدنيا ليس في حب الدنيا (فقال الأنبياء والعلماء) المراد بهم الأوصياء أو الأعم (بعد معرفة ذلك) وهو أن المعاصي والخصال الذميمة كلها في حب الدنيا.
و (حب الدنيا رأس كل خطيئة) هذا الكلام على سبيل الحقيقة دون المجاز والمبالغة لأن كل
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428