وصوله منوط بالتقدير والمشية فما قدر قمسا له يأتيه وإن زهد وما لم يقدر قسما له لا يأتيه وإن حرص، ولا ينافي هذا قوله تعالى (ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب» إذ لا دلالة فيه على أن جميع ما أتاه قسم ورزق (فالمغبون من حرم حظه من الآخرة) هذا كالنتيجة للسابق وتعريف المبتدأ باللام دل على انحصار الغبن فيه لما عرفت من أن قسم كل أحد يأتيه زهد أو حرص فلا غبن فيه، وإنما الغبن في فقد النصيب في الآخرة بترك العمل له.
* الأصل 7 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما أعجب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيء من الدنيا إلا أن يكون فيها جائعا خائفا.
* الشرح قوله: (ما أعجب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيء من الدنيا إلا أن يكون جايعا خائفا) خوفه كان فوق خوف الخائفين وجوعه مشهور وفي كتب الأحاديث مذكور وقد روى أنه لم يشبع من خبر الحنطة ثلاثة أيام متوالية ولا من اللحم قط وأنه أهضم أهل الدنيا كشحا وأخمصهم بطنا وأنه إذا اشتد جوعه كان يربط حجرا على بطنه ويسميه المشبع وأنه كان يأكل على الأرض ويجلس جلسة العبد، ويخصف بيده نعله ويرقع بيده ثوبه ويركب الحمار العاري ويردف خلفه وأنه رأى سترا نصبته بعض أزواجه على باب داره فقال لها غيبيه عنى فإنه يذكرني الدنيا وزخارفها فأعرض عن الدنيا بقلبه وأمات ذكرها من نفسه وأحب أن تغيب زينتها من عينه وما ذلك إلا لخسة الدنيا ومتاعها في نظره فليكن لك أسوة حسنة به (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعلم أن في الجوع فوائد منها صفاء القلب (1)