شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٣٨٥
غير أطوار أهل الدنيا وأوضاعهم وأقوالهم وأفعالهم وحركاتهم وسكناتهم فيظنون أنه خولط واختل عقله حيث لم يجدوا عقله كعقلهم وفعله كفعلهم ولذلك نسب كفرة قريش الجنون إلى الجنون إلى النبي المبارك (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقرب منه قوله (أن القلب إذا صفا ضاقت به الأرض حيت يسمو ) القلب من عالم القدس النوراني (1) واستقراره في عالم البدن الإنساني إنما هو بقدر تعلقه به وغفوله عن ذلك العالم الأصلي فإذا صفا عن الخبائث النفسانية والرذائل الشيطانية والقيودات الدنيوية والتعلقات البشرية والطبيعية واتصف بالكمالات الروحانية والصفات الشريفة الربانية تذكر مكانه الأصلي وقطع يده عن الأسباب وتعلق برب الأرباب فينكشف عنه الحجاب فضاقت به الأرض فيضطرب ويستوحش منها ولا يستقر حتى يسمو ويرتفع من هذا العالم إلى العالم الأعلى ويتشرف بقرب المولى، وإن شئت زيادة توضيح فنقول لما كانت الأرض أعظم أجزاء الإنسان وكانت قواه الظاهرة والباطنة مائلة إليها بالطبع لكمال النسبة بينهما كانت الدواعي إلى زهراتها حاضرة والبواعث إلى لذاتها ظاهرة فربما يشتغل بها ويكتسب الأخلاق والأعمال الفاسدة لتحصيل المقاصد حتى تصير النفس تابعة لها راضية بأثرها مشعوفة بعملها منكدرة بالشهوات منغمسة في اللذات فتحب الاستقرار في الأرض وتركن إليها، وأما إذا منعت تلك القوى عن مقتضاها وصرفتها عن هواها وروضتها بمقامع الشريعة وأدبتها بآداب الطريقة حتى غلبت عليها وصفت عن كدوراتها وظهرت عن خبائث لذاته وتخلصت من قيوداتها وتحلت بالأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة والآداب الرفيعة والأطوار المرضية ضاقت بها الأرض حتى تسمو إلى عالم النور والروحانية فتشاهد عالم الأعلى بالعيان وتنظر إلى الحق بعين العرفان ويزداد لها نور الإيمان والإيقان فتعاف جملة الدنيا والاستقرار في الأرض فبدنها في هذه الدنيا وهي في عالم الأعلى. وفيه ترغيب للعقلاء في ترك الدنيا وتحريك لهم إلى ترك الطباع ورسوم العادات وزجر لنفوسهم عن الفضول والمنهيات لتصفو بذلك عن الرذائل الناسوتية وتتصل بالحق وتشاهد الأسرار اللاهوتية وهو غاية مقصد الإنسان ونهاية مطلب أهل العرفان.
* الأصل 11 - علي [عن أبيه]، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن عبد الرزاق بن همام، عن معمر بن راشد، عن الزهري، عن محمد بن مسلم بن شهاب قال:

1 - في ذلك كلام يأتي إنشاء الله تعالى.
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428