(وبابي مفتوح لمن دعاني) وهو أيضا استعارة لتشبيه الغائب بالحاضر، وترغيب السائل بالرجوع إليه، وتنبيه الغافل على سهولة عرض المطلب عليه.
(فمن ذا الذي أملنى لنوائبه فقطعته دونها) أي قطعته عند النوائب وهجرته أو منعته عن أمله ورجائه ولم أرفع نوائبه. تقول قطعت الصديق قطيعة إذا هجرته، وقطعته عن حقه إذا منعته.
(رجائي لعظيمة) أي لمطالب عظيمة.
(جعلت آمال عبادي عندي محفوظة) لأردها إليهم عند طلبهم كالوديعة. (فلم يرضوا بحفظى) حتى جعلوها عند غيري وطلبوها منه (وملا سماواتي ممن لا يمل بتسبيحي) وهم الملائكة (عليهم السلام) الذين لا يفترون من تسبيحه، ولا يسأمون من تقديسه، ولا يخالفونه في أمره ( وأمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي) كناية عن عدم منعهم لمن أراد الوصول إليه والسؤال منه، وعرض المقاصد عليه كما يمنع حجاب الملوك، أو عين إيصال حوائج السائلين ومطالبتهم إليهم فإنه تعالى قد يأمرهم بذلك ما دل عليه بعض الروايات.
(فلم يثقوا بقولي) والدليل على عدم الوثوق رجوعهم إلى الغير وجعلهم له موضعا للحاجات ومنشأ ذلك معارضة الوهم والخيال، لو رجعوا إلى صرافة العقل وحكمه لوجدوا أن ذلك من أقبح الفعال (ألم يعلم من طرقته نائبة من نوائبي) أي أتته مطلقا ولا وجه لتخصيص اتيانها بالليل ( أنه لا يملك كشفها) أي دفعها.
(أحد غيري إلا بعدي اذني) دل ظاهرا على أن العبد لو رجع إلى غيره تعالى في كشف نوائبه فقد تكشف بإذن الله تعالى فهذا مخصص لهما دل على اليأس وعدم القضاء على الإطلاق لا يقال العالم عالم الأسباب فكيف يذم من رجع إلى الغير لظنه أنه سبب لأنا نقول الذم باعتبار أن قلبه تعلق به واعتمد عليه، وأما من لم يركن إليه ولم يثق به ولم يعتمد عليه فالظاهر أنه ليس بمذموم والأولى مع ذلك من يرجع إلى الله فإن شاء الله أن يكون قضاء حاجته على يد أحد جعله وسيلة له شاء أو لم يشأ.
(أفيراني أبدأ بالعطاء قبل المسألة ثم أسأل فلم أجيب) الاستفهام للإنكار والتعجب فإن من تأمل مثلا في وجوده وذاته وحالاته السابقة يجد أنه تعالى شأنه أكرمه ونعمه وأحسن إليه بلا سابقة مسئلة واستحقاق ما لا يقرره اللسان ولا يحيط به البيان وأن أخرجه من حد النقص إلى حد الكمال بلا التماس أحد ولا معاونة مدد ولا شفاعة شفيع، ثم لا يحصل له العلم بأنه يعطيه في مستقبل الأحوال جميع ما يحتاج إليه، ويصلح جميع ما يرد عليه عند السؤال والتفويض والتوكل والرجوع إليه بالتضرع والابتهال، ولم يتيقن أنه تعالى يقوم بكفايته ورعايته واضطر إلى أن يقرع