الخوف عن العقوبة أو عن فوات الثواب أو عن فوات التفضل أو عن فوات رفع المنزلة أو عن ظهور إساءة على رؤس الاشهاد أو عن زلة الدقم على الصراط باق بعد الخروج من الدنيا ثم بقاء الرجاء والطمع فيما عند الله كما حكم به يستلزم الخوف من عدم تحقق المطوع والله أعلم.
* الأصل 2 - محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا إسحاق خف الله كأنك تراه وإن كنت لا تراه فإنه يراك، فإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك، ثم برزت له بالمعصية، فقد جعلته من أهون الناظرين عليك.
* الشرح قوله: (يا إسحاق خف الله كأنك تراه وأن كنت لا تراه فإنه يراك) وشبه الرؤية القلبية بالرؤية العينية قصدا للظهور والإيضاح والأول إشارة إلى مقام المشاهدة وهي مرتبة عين اليقين أو حق اليقين وهو أعلى مراتب السالكين، وفي تلك المرتبة يتصل الطالب بالمطلوب اتصالا معنويا بحيث لا يشاهد إلا جماله وكماله. الثاني إشارة إلى مقام المراقبة وهي ثمرة الإيمان ومرتبة عظيمة من مراتب السالكين روى عن روى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «أعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» وقال جل شأنه (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت إن الله كان عليكم رقيبا» والمرتبة مراعاة القلب للرقيب وإشتغاله به والمثمر لها هو العلم بأن الله تعالى مطلع على كل نفس بما كسبت وأنه تعال عالم بسرائر القلوب وخطراتها كما هو عالم بظواهر الأشياء وجلياتها وهذا العلم إذا استقر في القلب ولم يبق فيه شبهة يجذبه إلى مراعاة الرقيب والمتصفون بها على صنفين منهم الصديقون ومراقبتهم استغراق القلب بملاحظة العظمة والجلال وإنكساره وتحت الهيبة واستعمال الجوارح بوظائف الطاعات بحيث لا يلتفت القلب إلى الغير أصلا والجوارح إلى المباحات فضلا عن المحظورات، ومنهم الورعون وهم قوم لم تدهشهم ملاحظة العظمة والجلال بل بقيت قلوبهم على الإعتدال يتسعها التلفت إلى الأقوال والاعمال ومراقبتهم أن ينظروا إلى جميع حركاتهم وسكناتهم ولحظاتهم واختيارهم ويرصدوا كل خاطر يسنح لهم فإن كانت الهية عملوا بمقتضاها، وإن كانت شيطانية رفضوها إستحياء من القريب، وإن كانت مبهمة توقفوا حتى يظهر لهم أمرها.
(فإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت) رؤيته تعالى نوع من العلم وهو العلم بالمبصرات ظاهرها وباطنها كما هي والمنكر له كافر بالله العظيم.
(وإن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت به بالمعصية فقد جعلته من أهون الناظرين عليك) حيث