شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٢٠٨
وتمسكه بالعز الأوفر وهو اللجأ إلى الله. ومعنى التوكل على الله هو الرجوع إليه والاعتماد عليه والثقة بكفايته، ويمكن أن يقال توكل العبد فيما ينبغي أو يفعله أو يتركه من أمر الدنيا والآخرة هو الاعتماد على الله والثقة بكفايته، والتمسك بحوله وقوته وترقب التوفيق والإعانة منه دون الاعتماد على نفسه وحوله وقوته وقدرته وعلمه وما يظنه من الأسباب الضرورية والعادية وغيرها لا ترك وظائفه وعمله وأسباب في جلب المناقع ودفع المضار، ومن ثم اشتهر أن التمسك بالأسباب لا ينافي التوكل وفيما يجري عليه من غيره سواء كان من قبل الله أو من قبل غيره هو تفويض نفسه وأمره إلى الله توقعا من أن يرد عليه ما هو خير له والمعلوم أنه لا يرد عليه بعد ذلك إلا ما هو خير له في الدنيا والآخرة فعليه حينئذ القيام بمقام الرضا بالقضاء وهذا أقصى مراتب الكمال، وقال المحقق الطوسي المراد بالتوكل أن يوكل العبد جميع ما يصدر عنه ويرى عليه إلى الله تعالى لعلمه بأنه أقوى وأقدر ويفعل ما قدر عليه على وجه أحسن وأكمل ثم يرضى بما فعل وهو مع ذلك يسعى ويجتهد فيما وكله إليه ويعد نفسه وعلمه وقدرته وإرادته من الأسباب والشروط المخصصة لتعلق قدرته تعالى وأرادته لما صنعه بالنسبة إليه، ومن ذلك يظهر سر لاجبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين. وان أردت زيادة التوضيح فارجع إلى كلامه في أوصاف الاشراف.
* الأصل 4 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما عبد أقبل قبل ما يحب عز وجل أقبل الله قبل ما يحب ومن اعتصم بالله عصمه الله ومن أقبل الله قبله وعصمه لم يبال لو سقط السماء على الأرض أو كانت نازلة نزلت على أهل الأرض فشملتهم بلية، كان في حزب الله بالتقوي من كل بلية، أليس الله عز وجل يقول: (إن المتقين في مقام أمين).
* الشرح قوله: (أيما عبد أقبل قبل ما يحب الله عز وجل أقبل الله قبل ما يجب) يقال أقبل قبلك أي قصد قصدك وتوجه إليك، وجعلك قبالة وجهه وتلقاءه، والمراد باقبال العبد نحو ما يحبه الله قصده والإتيان به طلبا لرضاه، وبإقبال الله نحو ما يحبه العبد إفاضة ما يسر به قلبه وتقربه عينه.
(ومن اعتصم بالله عصمه الله) من الضياع والحاجة كما اعتصم به مؤمن آل فرعون بقوله (وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد» فلجأ من شر فرعون وجنوده إليه سبحانه واعتصم به فوقاه الله سيئات ما مكروا، واعتصم به يونس (عليه السلام) في الظلمات بقوله (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» فلجأ من غضبه إليه إليه واعتصم به فأقبل الله إليه بالقبول وعصمه بقوله:
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428