شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٢١٥
واجراء نعمه عليهم ظاهره وباطنة، جلية وخفية، ضرورية وغير ضرورية حين كونهم أجنة في بطون أمهاتهم بلا سبق استحقاق ولا تقدم إستيهال والتفكر في غنائه عن عبادتهم وتعذيبهم مع عجزهم ومسكنتهم وفقرهم وحاجتهم إليه وذلهم بين يديه، ومن استقرت في قلبه هذه المعارف حصل له الرجاء بنيل الثواب والمغفرة والرحمة، وثمرته الإتيان بما يوجب الوصول إليها كما أن ثمرة الخوف من العقوبة ترك ما يوجب الورود عليها.
(ليس من عبد مؤمن إلا وفي قلبه نوران: نور خيفة ونور رجاء) لأن المؤمن لا يخلو من تصور أسباب الخوف والرجاء وتجويز وقوع مقتضى كل واحد منهما بدلا من الاخر وانتهاء سيره إلى القرب كأهل الايقان، أو إلى العبد كأهل الحرمان بحيث لا يرجع أحدهما على الاخر إذا لو رجح الرجاء لزم الامن لا في موضعه (أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) ولو راجح الخوف لزم اليأس الموجب للهلاك (أنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون» ومنه ظهر أن الخوف غير القنوط وأنه والرجاء ينبغي أن يكونا متساويين مطلقا وقد ذهب إليه أيضا بعض العامة.
وقال عياض عبادة الله بين أصلين الرجاء والخوف، ويستحب أن يغلب في حال الصحة الخوف فإذا زاد في الاجل أو انقطع الاجل يستحب أن يغلب الرجاء ليلقى الله على حالة هي أحب إليه إذ هو الله سبحانه الرحمن الرحيم ويحب الرضا ولا يغلب الخوف حينئذ خشية أن يقنط فيهلك وفيه أن الدليل لو تم لدل على رجحان الرجاء قبل الاجل أيضا ولم يقل به، والتعليل لعدم غلبة الخوف عند الاجل دل على عدم غلبته أيضا قبله، وقد قال بخلافه وقيل ينبغي أن يغلب الخوف ليكف عن المخالفات ويكثر من الطاعات، فإذا دنت أمارات الموت ينبغي أن يغلب الرجاء لأن ثمرة الخوف وهي الإنكفاف والاكثار في الطاعة تعذرت حينئذ وهو قريب مما ذكر. وقال الابي في كتاب الكمال الإكمال مقامات الصالحين عند الاحتضار تختلف، فعن بعضهم أن قال لابنه يا بني حدثني عن الرخص لعلى ألقى الله وأنا أحسن الظن به، وعن بعضهم أنه رجى حين إحتضر، وقيل له تقدم على غفور رحيم فقال أفلا تقولون لي تقدم على شديد العقاب يعاقب على الكبيرة ويؤاخذ بالصغيرة، وهذا بحسب مقامات الخوف بقي شيء وهو أنه قال بعض الأفضل الخوف ليس من الفضائل والكمالات العقلية في النشأة الآخرة، وإنما هو من الامر النافعة للنفس في الهرب عن المعاصي، وفعل الطاعات ما دامت في دار العمل، وأما عند انقضاء الاجل والخروج من الدنيا ألتي هي دار العمل فائدة فيه، وأما الرجاء فإنه باق أبدا إلى يوم القيامة لا ينقطع لأنه كلما نال العبد من رحمة الله أكثر كان ازدياد طعمه فيما عند الله أعظم وأشد لأن خزائن جوده وخيره ورحمته غير متناهية لا تبيد ولا تنقص فثبت أن الخوف منقطع والرجاء أبدا لا ينقطع، وفيه نظر لأن الظاهر أن
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428