التي راودته، فلما سمع الملك كلام الصبي وما اقتص أفزعه ذلك فزعا شديدا، فجئ بالقميص فنظر إليه فلما رأوه مقدودا من خلفه، قال لها: انه من كيدكن، وقال ليوسف أعرض عن هذا ولا يسمعه منك أحد وأكتمه، قال: فلم يكتمه يوسف وأذاعه في المدينة حتى قلن نسوة منهن امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه فبلغها ذلك فأرسلت إليهن وهيئت لهن طعاما ومجلسا، ثم أتتهن بأترج، وآتت كل واحدة منهن سكينا، ثم قالت ليوسف: أخرج عليهن، فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن ما قلن، فقالت لهن: هذا الذي لمتنني فيه يعني في حبه، وخرجن النسوة من عندها، فأرسلت كل واحدة منهن إلى يوسف سرا من صاحبتها تسأله الزيارة فأبى عليهن، وقال: إلا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن واكن من الجاهلين، فصرف الله عنه كيدهن، فلما شاع أمر يوسف وأمر امرأة العزيز والنسوة في مصر، بدا للملك بعد ما سمع قول الصبي ليسجنن يوسف، فسجنه في السجن ودخل السجن مع يوسف فتيان، وكان مع قصتهما وقصة يوسف ما قصة الله في الكتاب.
قال أبو حمزة ثم انقطع حديث علي بن الحسين صلوات الله عليه.
وسمعت محمد بن عبد الله بن محمد بن طيفور يقول في قول يوسف " ع ":
رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه، ان يوسف رجع إلى اختيار نفسه فاختار السجن فوكل إلى اختياره، والتجئ نبي الله محمد صلى الله عليه وآله إلى الخيار فتبرأ من الاختيار، ودعا دعاء الافتقار، فقال على روية الاضطرار: يا مقلب القلوب والابصار، ثبت قبلي على طاعتك، فعوفي من العلة وعصم، فاستجاب الله له، وأحسن إجابته، وهوان الله عصمه ظاهرا وباطنا.
وسمعته يقول في قول يعقوب: هل آمنكم عليه إلا كما آمنتكم على أخيه من قبل، ان هذا مثل قول النبي صلى الله عليه وآله: لا يلسع المؤمن من جحر مرتين، فهذا معناه وذلك أنه سلم يوسف إليهم فغشوه حين اعتمد على حفظهم له وانقطع في رعايته إليهم