فقال إنهم لما أصبحوا قالوا انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف أمات أم هو حي؟
فلما انتهوا إلى الجب وجدوا بحضرة الجب سيارة، وقد أرسلوا واردهم فأدلى دلوه فلما جذب دلوه، إذا هو بغلام متعلق بدلوه، فقال لأصحابه يا بشرى هذا غلام فلما أخرجوه أقبل إليهم أخوة يوسف فقالوا هذا عبدنا سقط منا أمس في هذا الجب، وجئنا اليوم لنخرجه فانتزعوه من أيديهم وتنحوا به ناحية فقالوا: اما ان تقر لنا انك عبد لنا فنبيعك على بعض هذه السيارة، أو نقتلك؟ فقال لهم يوسف لا تقتلوني واصنعوا ما شئتم، فاقبلوا به إلى السيارة، فقالوا: أمنكم من يشتري منا هذا العبد؟ فاشتراه رجل منهم بعشرين درهما، وكان أخوته فيه من الزاهدين، وسار به الذي اشتراه من البدو حتى أدخله مصر فباعه الذي اشتراه من البدو من ملك مصر، وذلك قول الله عز وجل: (وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى ان ينفعنا أو نتخذه ولدا).
قال أبو حمزة: فقلت لعلي بن الحسين عليه السلام: ابن كم كان يوسف يوم ألقوه في الجب؟ فقال كان ابن تسع سنين، فقلت كم كان بين منزل يعقوب يومئذ وبين مصر؟ فقال: مسيرة اثنى عشر يوما، قال وكان يوسف من أجمل أهل زمانه فلما راهق يوسف راودته امرأة الملك عن نفسه فقال لها: معاذ الله إنا من أهل بيت لا يزنون، فغلقت الأبواب عليها وعليه، وقالت لا تخف وألقت نفسها عليه فأفلت منها هاربا إلى الباب ففتحه فلحقته فجذبت قميصه من خلفه، فأخرجته منه فأفلت يوسف منها في ثيابه، وألفيا سيدها لدى الباب، قالت: ما جزاء من أراد بأهلك سوء إلا أن يسجن أو عذاب اليم، قال فهم الملك بيوسف ليعذبه فقال له يوسف: وإله يعقوب: ما أردت بأهلك سوء بل هي راودتني عن نفسي فسل هذا الصبي أينا راود صاحبه عن نفسه، قال: وكان عندها من أهلها صبي زاير لها، فأنطق الله الصبي لفصل القضاء، فقال: أيها الملك انظر إلى قميص يوسف فإن كان مقدودا من قدامة فهو الذي راودها، وإن كان مقدودا من خلفه فهي