2 - وسمعت أبا جعفر محمد بن عبد الله بن طيفور الدامغاني الواعظ بفرغانة يقول في خرق الخضر عليه السلام السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار إن تلك إشارات من الله تعالى لموسى عليه السلام وتعريض بها إلى ما يريد ه من تذكيره لمنن سابقة لله عز وجل عليه نبهه عليها وعلى مقدارها من الفضل ذكره بخرق السفينة، انه حفظه في الماء حين ألقته أمه في التابوت، وألقت التابوت في اليم وهو طفل ضعيف لا قوة له، فأراد بذلك، ان الذي حفظك في التابوت الملقى في اليم هو الذي يحفظهم في السفينة، وأما قتل الغلام: فإنه كان قد قتل رجلا في الله عز وجل، وكانت تلك زلة عظيمة عند من لم يعلم أن موسى نبي، ذكره بذلك منته عليه حين دفع عنه كيد من أراد قتله به، واما إقامة الجدار، من غير أجر فان الله عز وجل ذكره بذلك فضلة فيما أتاه من ابنتي شعيب حين سقى لهما وهو جايع ولم يبتغ على ذلك اجرا مع حاجته إلى الطعام فنبهه عز وجل على ذلك ليكون شاكرا مسرورا وأما قول الخضر لموسى عليه السلام: هذا فراق بيني وبينك، فإن ذلك كان من جهة موسى حيث قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني. فموسى عليه السلام هو الذي حكم بالمفارقة لما قال له فلا تصاحبني، وان موسى عليه السلام: أختار سبعين رجلا من قومه لميقات ربه، فلم يصبروا بعد سماع كلام الله عز وجل حتى تجاوزوا الحد، بقولهم: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم فماتوا، ولو أختارهم الله عز وجل لعصمهم ولما أختار من يعلم منه تجاوز الحد فإذا لم يصلح موسى " ع " للاختيار مع فضلة ومحله، فكيف تصلح الأمة لاختيار الامام بآرائها وكيف يصلحون لاستنباط الاحكام واستخراجها بعقولهم الناقصة وآرائهم المتفاوتة وهمهم المتباينة وإراداتهم المختلفة، تعالى الله عن الرضا باختيارهم علوا كبيرا.
وأفعال أمير المؤمنين صلوات الله عليه مثلها مثل أفاعيل الخضر " ع "، وهي حكمة وصواب، وان جهل الناس وجه الحكمة والصواب فيها.