قيل: ليس هذا نهيا عن رد السلام في الصلاة بالإشارة، ولا يفهم هذا
أرجح جدا أن زيادة (أل) هذه خطأ من النساخ لأنها لا توجد في المسند ولا في المستدرك ولا في البيهقي وقد روياه عن المسند، بل ولا في البيهقي إذ رواه عن سنن أبي داود. وقد اختلف في معناه، فنقل أبو داود عن أحمد قال: (يعنى فيما أرى أن لا تسلم ولا يسلم عليك ويغرر الرجل بصلاته فينصرف وهو فيها شاك) وهذا المعنى يصلح على الرواية التي فيها زيادة (أل) ولم أجد ما يؤيدها، وعلى الرواية الأخرى إذا كان (ولا تسليم) بفتح الميم. أما إذا كان بجرها فلا ولأنه يكون عطفا على (صلاة)، قال في اللسان: (قال أبو عبيد: الغرار في الصلاة النقصان في ركوعها وسجودها وطهورها وهو أن لا يتم ركوعها وسجودها، قال أبو عبيد: فمعنى الحديث:
لا غرار في صلاة: أي لا ينقص من ركوعها ولا من سجودها ولا من أركانها كقول سلمان الصلاة مكيال فمن وفى وفى له ومن طفف فقد علمتم ما قال الله في المطففين، قال: وأما الغرار في التسليم فنراه أن يقول له: السلام عليكم فيرد عليه الاخر وعليكم ولا يقول: وعليكم السلام. هذا من التهذيب. قال ابن سيده واما الغرار في التسليم فنراه أن يقول: سلام عليك، أو يرد فيقول وعليك، ولا يقول وعليكم، وقيل:
لا غرار في الصلاة ولا تسليم فيها، أي لا قليل من النوم في الصلاة ولا تسليم أي لا يسلم المصلى ولا يسلم عليه. قال ابن الأثير: ويروى بالنصب والجر فمن جره كان معطوفا على الصلاة ومن نصب كان معطوفا على الغرار ويكون المعنى: لا نقص ولا تسليم في صلاة، لان الكلام في الصلاة بغير كلامها لا يجوز) اه كلام اللسان. وقال ابن التركماني في الجوهر النقي (لا يلزم من نفى الغرار عن الصلاة والتسليم تحريم التسليم حتى يكون ذلك معارضا للاخبار المبيحة للتسليم والرد بالإشارة وحتى يحتاج إلى الترجيح، بل الغرار النقصان، والغرار في الصلاة نقصان سجودها وركوعها وجميع أركانها، والغرار في التسليم أن يقول المجيب وعليك ولا يقول وعليكم السلام.
قال أبو الأشبال عفا الله عنه: إنما أطلت نقل كلامهم في معناه لأني لم أجد أحدا من الشراح وفى الكلام فيه، والراجح عندي ان المراد نفى الغرار عن الصلاة وعن التسليم، وتكون الرواية الراجحة بجر تسليم لان الرواية الأخرى بنصبها - ان صحت يلزم منها التقديم والتأخير وأن أصل (لا غرار ولا تسليم في صلاة) وهو مخالف لظاهر الكلام فلا ينحى نحوه الا لضرورة أو قرينة، ثم إن الرواية الأخرى التي رواها معاوية بن هشام بالشك في رفع الحديث لفظها عند أبي داود والحاكم والبيهقي (لا غرار في تسليم ولا صلاة) فهي تؤيد أن التسليم معطوف على الصلاة وأن الغرار منفى عنه كما هو منفى عنها، وهذا ينصر قول ابن حزم في أنه ليس نهيا عن رد السلام في الصلاة بالإشارة. والحمد لله رب العالمين