فإن قيل: لم يعتبروا الدخول في تحريم الأصول واعتبروا في تحريم البنت الدخول؟ أجيب بأن الرجل يبتلى عادة بمكالمة أمها عقب العقد لترتيب أموره، فحرمت بالعقد ليسهل ذلك بخلاف بنتها.
تنبيه: من حرم بالوطئ لا يعتبر فيه صحة العقد كالربيبة، ومن حرم بالعقد فلا بد فيه من صحة العقد. نعم لو وطئ في العقد الفاسد حرم بالوطئ فيه لا بالعقد.
فائدة: الربيبة بنت الزوجة وبناتها وبنت ابن الزوجة وبناتها ذكره الماوردي في تفسيره، ومن هذا يعلم تحريم بنت الربيبة وبنت الربيب لأنها من بنات أولاد زوجته، وهي مسألة نفيسة يقع السؤال عنها كثيرا وكل من وطئ امرأة بملك حرم عليه أمهاتها وبناتها وحرمت هي على آبائه تحريما مؤبدا بالاجماع، وكذا الموطوءة الحية بشبهة في حقه كأن ظنها زوجته أو أمته يحرم عليه أمهاتها وبناتها، وتحرم هي على آبائه كما يثبت في هذا الوطئ النسب، ويوجب العدة، لا المزني بها فلا يثبت بزناها حرمة مصاهرة فللزاني نكاح أم من زنى بها وبنتها، ولابنه وأبيه نكاحها هي وبنتها لأن الله تعالى أمتن على عباده بالنسب والصهر فلا يثبت بالزنا كالنسب، وليست مباشرة كلمس وقبلة بشهوة كوطئ لأنها لا توجب العدة فكذا لا توجب الحرمة. (و) تحرم (زوجة الأب) وهو من ولدك بواسطة أو غيرها أبا أو جدا من قبل الأب أو الام وإن لم يدخل بها لاطلاق قوله تعالى: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف) * قال الإمام الشافعي في الام يعني في الجاهلية قبل علمكم بتحريمه. (و) تحرم (زوجة الابن) وهو من ولدته بواسطة أو غيرها وإن لم يدخل ولدك بها، لاطلاق قوله تعالى: * (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) *.
تنبيه: لا فرق في الفرع والأصل بين أن يكون من نسب أو رضاع، أما النسب فللآية، وأما الرضاع فللحديث المتقدم. فإن قال: وإنما قال تعالى: * (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) * فكيف حرمت حليلة الابن من الرضاع؟ أجيب بأن المفهوم إنما يكون حجة إذا لم يعارضه منطوق، وقد عارضه هنا منطوق قوله (ص): يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. فإن قيل: فما فائدة التقييد في الآية حينئذ؟
أجيب بأن فائدة ذلك إخراج حليلة المتبني فلا يحرم على المرء زوجة من تبناه لأنه ليس بابن له، ولا تحرم بنت زوج الام ولا أمه ولا بنت زوج البنت وأمه ولا أم زوجة الأب ولا بنتها ولا أم زوجة الابن ولا بنتها ولا زوجة الربيب ولا زوجة الراب. (القول في التحريم غير المؤبد) ثم شرع في القسم الثاني وهو التحريم غير المؤبد بقوله (و) تحرم (واحدة من جهة الجمع) في العصمة (وهي أخت الزوجة) فلا يتأبد تحريمها بل تحل بموت أختها أو بينونتها لقوله تعالى: * (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف) * ولما في ذلك من قطيعة الرحم وإن رضيت بذلك فإن الطبع يتغير. (ولا يجمع بين المرأة وعمتها ولا خالتها) من نسب أو رضاع ولو بواسطة لخبر: لا تنكح المرأة على عمتها ولا العمة على بنت أخيها ولا المرأة على خالتها ولا الخالة على بنت أختها لا الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى رواه الترمذي وغيره وصححوه. ولما مر من التعليل في الأختين. القول في التحريم بالرضاع (ويحرم من) النساء بسبب (الرضاع ما يحرم) منهن (من النسب) وهي السبعة المتقدمة. وقدمنا أنه يحرم زوجة والده من الرضاع وزوجة ولده كذلك