القضاء بقدر ذلك من نوبة المدخول عليها، أما دخوله لحاجة كوضع متاع أو أخذه أو تسليم نفقة أو تعريف خبر فجائز لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها: كان رسول الله (ص) يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس أي وطئ حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها. ولا يقضي إذا دخل لحاجة وإن طال الزمن لأن النهار تابع مع وجود الحاجة وله ما سوى وطئ من استمتاع للحديث السابق. وخرج بقيد النهار الليل فيحرم عليه ولو لحاجة على الصحيح لما فيه من إبطال حق ذات النوبة إلا لضرورة كمرضها المخوف وشدة الطلق وخوف النهب والحريق.
ثم إن طال مكثه عرفا قضى من نوبة المدخول عليها مثل مكثه لأن حق الآدمي لا يسقط بالعذر، فإن لم يطل مكثه لم يقض ليلته، ويأثم من تعدى بالدخول وإن لم يطل مكثه. ولو جامع من دخل عليها في نوبة غيرها عصى وإن قصر الزمن وكان لضرورة، قال الإمام: واللائق بالتحقيق القطع بأن الجماع لا الجماع لا يوصف بالتحريم ويصرف التحريم إلى إيقاع المعصية لا إلى ما وقعت به المعصية. وحاصله أن تحريم الجماع لا لعينه بل لأمر خارج ويقضي المدة دون الجماع لا إن قصرت، ومحل وجوب القضاء ما إذا بقيت المظلومة في نكاحه، فلو ماتت المظلومة بسببها فلا قضاء لخلوص الحق للباقيات، ولو فارق المظلومة تعذر القضاء، أما من عماد قسمه النهار فليله كنهار غيره ونهاره كليل غيره في جميع ما تقدم. هذا كله في المقيم، أما المسافر فعماد قسمه وقت نزوله ليلا كان أو نهارا قليلا كان أو كثيرا، قاله في الروضة.
تنبيه: أقل نوب القسم لمقيم عمله نهارا ليلة، ولا يجوز تبعيضها لما فيه من تشويش العيش وعسر ضبط أجزاء الليل، ولا بليلة وبعض أخرى. وأما طوافه (ص) على نسائه في ليلة واحدة فمحمول على رضاهن، أما المسافر فقد مر حكمه، وأما من عماد قسمه النهار كالحارس فظاهر كلامه أنه لا يجوز له تبعيضه كتبعيض الليل ممن يقسم ليلا وهو الظاهر، ويحتمل أنه يجوز لسهولة الضبط.
والاقتصار على الليلة أفضل من الزيادة عليها اقتداء به (ص) وليقرب عهده بهن، ويجوز ليلتين وثلاثا بغير رضاهن، ولا تجوز الزيادة عليها بغير رضاهن وإن تفرقن في البلاد لئلا يؤدي إلى المهاجرة والايحاش للباقيات بطول المقام عند الضرة، وقد يموت في المدة الطويلة فيفوت حقهن. وتجب القرعة للابتداء بواحدة عند عدم رضاهن تحرزا عن الترجيح مع استوائهن في الحق، فيبدأ بمن خرجت قرعتها فإذا مضت نوبتها أقرع بين الباقيات، ثم بين الأخيرتين، فإذا تمت النوبة راعى الترتيب. ولا حاجة إلى إعادة القرعة، بخلاف ما لو بدأ بلا قرعة فإنه يقرع بين الباقيات فإذا تمت النوبة أقرع للابتداء. القول في حكم المسافر في القسم (وإذا أراد) الزوج (السفر) لنقلة ولو سفرا قصيرا حرم عليه أن يستصحب بعضهن دون بعض ولو بقرعة، فإن سافر ببعضهن لنقله ولو بقرعة قضى للمتخلفات، ولو نقل بعضهن بنفسه وبعضهن بوكيله قضى لمن مع الوكيل. ولا يجوز أن يتركهن بل ينقلهن أو يطلقهن لما في ذلك من قطع أطماعهن من الوقاع، فأشبه الايلاء بخلاف ما لو امتنع من الدخول إليهن وهو حاضر لأنه لا ينقطع رجاؤهن.