زنا بالاجماع كما أجمعوا على أنه يرثها، والفرق أن الابن كالعضو منها، وانفصل منها إنسانا ولا كذلك النطفة التي خلقت منها البنت بالنسبة إلى الأب. ثم شرع في السبب الثاني الرضاع بقوله: (واثنتان بالرضاع) وهما (الام المرضعة والأخت من الرضاع) لقوله تعالى: * (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) * فمن ارتضع من امرأة صارت بناتها الموجودات قبله والحادثات بعده أخوات له، وإنما ذكرت ذلك مع وضوحه لأن كثيرا من جهلة العوام يظنون أن الأخت من الرضاع هي التي ارتضعت معه دون غيرها ويسألون عنه كثيرا فمرضعتك ومن أرضعتها أو ولدتها أو ولدت أبا من رضاع وهو الفحل أو أرضعته أو أرضعت من ولدك بواسطة أو غيرها أم رضاع، وقس على ذلك الباقي من السبع بالرضاع بما ذكر لقوله (ص): يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة وفي رواية: من النسب وفي أخرى حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب ولا يحرم عليك مرضعة أخيك أو أختك، ولو كانت أم نسب حرمت عليك لأنها أمك أو موطوءة أبيك ولا مرضعة نافلتك وهو ولد الولد ولو كانت أم نسب حرمت عليك لأنها بنتك أو موطوءة ابنك، ولا أم مرضعة ولدك ولا بنت المرضعة ولو كانت المرضعة أم نسب كانت موطوءتك فيحرم عليك أمها وبنتها، فهذه الأربعة يحرمن في النسب ولا يحرمن في الرضاع فاستثناها بعضهم من قاعدة: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب والمحققون كما في الروضة على أنها لا تستثنى لعدم دخولها في القاعدة لأنهن إنما يحرمن في النسب لمعنى لم يوجد فيهن في الرضاع كما قررته، ولا يجرم عليك أخت أخيك سواء كانت من نسب كأن كان لزيد أخ لأب وأخت لأم فلأخيه نكاحها. أم من رضاع كأن ترضع امرأة زيدا وصغيرة أجنبية منه فلأخيه لأبيه نكاحه، وسواء أكانت الأخت أخت أخيك لأبيك لامه كما مثلنا أم أخت أخيك لامك لأبيه، مثاله في النسب أن يكون لأبي أخيك بنت من غير أمك فلك نكاحها، وفي الرضاع أن ترتضع صغيرة بلبن أبي أخيك لامك فلك نكاحها. القول في المحرمات بالمصاهرة ثم شرع في السبب الثالث وهو المصاهرة بقوله: (وأربع بالمصاهرة) وهن (أم الزوجة) بواسطة أو بغيرها من نسب أو رضاع، سواء أدخل بها أم لا لاطلاق قوله تعالى: * (وأمهات نسائكم) * (والربيبة إذا دخل بالام) بعقد صحيح أو فاسد لاطلاق قوله تعالى: * (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) * وذكر الحجور خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، فإن قيل لم أعيد الوصف إلى الجملة الثانية ولم يعد إلى الجملة الأولى وهي * (وأمهات نسائكم) * مع أن الصفات عقب الجمل تعود إلى الجميع؟ أجيب بأن نسائكم الثاني مجرور بحرف الجر، ونسائكم الأول مجرور بالمضاف، وإذا اختلف العامل لم يجز الاتباع ويتعين القطع.
تنبيه: قضية كلام الشيخ أبي حامد وغيره أنه يعتبر في الدخول أن يقع في حياة الام، فلو ماتت قبل الدخول ووطئها بعد موتها لم تحرم بنتها لأن ذلك لا يسمى دخولا وإن تردد فيه الروياني.