انفراده من غير قطع الباقي إذ قطع الحلقوم والمرئ واجب وإليه أشار بقوله: (والمجزئ منها) أي الأربعة المذكورة في الحل (شيئان) وهما (قطع) كل الحلقوم و (كل المرئ) مع وجود الحياة المستقرة أول قطعهما لأن الذكاة صادفته وهو حي كما لو قطع يد حيوان ثم ذكاه فإن شرع في قطعهما ولم تكن فيه حياة مستقرة بل انتهى لحركة مذبوح لم يحل لأنه صار ميتة فلا يفيده الذبح بعد ذلك.
تنبيه: لو ذبح شخص حيوانا وأخرج آخر أمعاءه أو نخس خاصرته معا، لم يحل لأن التذفيف لم يتمحض بقطع الحلقوم والمرئ قال في أصل الروضة: سواء أكان ما قطع به الحلقوم ما يذفف لو انفرد أو كان يعين على التذفيف ولو اقترن قطع الحلقوم بقطع رقبة الشاة من قفاها بأن أجرى سكينا من القفا وسكينا من الحلقوم حتى التقيا فهي ميتة كما صرح به في أصل الروضة لأن التذفيف إنما حصل بذبحين ولا يشترط العلم بوجود الحياة المستقرة عند الذبح. بل يكفي الظن بوجودها بقرينة ولو عرفت بشدة الحركة أو انفجار الدم ومحل ذلك ما لم يتقدمه ما يحال عليه الهلاك. فلو وصل بجرح إلى حركة المذبوح وفيه شدة الحركة ثم ذبح لم يحل. وحاصله: أن الحياة المستقرة عند الذبح تارة تتيقن وتارة تظن بعلامات وقرائن فإن شككنا في استقرارها، حرم للشك في المبيح وتغليبا للتحريم.
فإن مرض أو جاع فذبحه وقد صار في آخر رمق حل لأنه لم يوجد سبب يحال الهلاك عليه. ولو مرض بأكل نبات مضر حتى صار آخر رمق كان سببا يحال عليه الهلاك. فلم يحل على المعتمد ولا يشترط في الذكاة قطع الجلدة التي فوق الحلقوم والمرئ فلو أدخل سكينا بأذن ثعلب مثلا وقطع الحلقوم والمرئ داخل الجلد لأجل جلده وبه حياة مستقرة حل وإن حرم عليه للتعذيب، ويسن نحر إبل في اللبة وهي أسفل العنق كما مر لقوله تعالى: * (فصل لربك وانحر) * وللامر به في الصحيحين والمعنى فيه أنه أسهل لخروج الروح لطول عنقها. وقياس هذا كما قال ابن الرفعة: أن يأتي في كل ما طال عنقه كالنعام والإوز والبط. ويسن ذبح بقر وغنم ونحوهما. كخيل بقطع الحلقوم والمرئ للاتباع ويجوز بلا كراهة عكسه، ويسن: أن يكون نحر البعير قائما معقولة ركبته وهي اليسرى كما في المجموع لقوله تعالى: * (فاذكروا اسم الله عليها صواف) * قال ابن عباس: أي قياما على ثلاثة رواه الحاكم وصححه. وأن يكون نحر البقرة أو الشاة مضجعه لجنبها الأيسر وتترك رجلها اليمنى بلا تشد وتشد باقي القوائم ويسن الذابح أن يحد سكينه لخبر مسلم: إن الله كتب الاحسان على كل شئ فإذا قلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته وأن يوجه للقبلة ذبيحته وأن يقول: عند ذبحها بسم الله. وأن يصلي على النبي (ص) عند ذلك ولا يقول بسم الله واسم محمد لايهامه التشريك. (ويجوز) لمن تحل ذكاته لا لغيره (الاصطياد)