والأصل فيها قبل الاجماع قوله تعالى: * (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما) * الآية وقوله تعالى: * (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) *. (وكل حيوان) لا نص فيه من كتاب أو سنة أو إجماع لا خاص ولا عام بتحريم ولا تحليل ولا ورد فيه أمر بقتله ولا بعدمه (استطابته العرب) وهم أهل يسار أي ثروة وخصب وأهل طباع سليمة سواء كانوا سكان بلاد أو قرى في حال رفاهية. (فهو حلال إلا ما) أي حيوان (ورد الشرع بتحريمه) كما سيأتي فلا يرجع فيه لاستطابتهم. (وكل حيوان استخبثته العرب) أي عدوه خبيثا (فهو حرام إلا ما) أي حيوان (ورد الشرع بإباحته) كما سيأتي فلا يكون حراما لأن الله تعالى أناط الحل بالطيب والتحريم بالخبيث. وعلم بالعقل أنه لم يرد ما يستطيبه ويستخبثه كل العالم لاستحالة اجتماعهم على ذلك عادة لاختلاف طبائعهم فتعين أن يكون المراد بعضهم والعرب بذلك أولى لأنهم أولى الأمم إذ هم المخاطبون: أولا ولان الدين عربي وخرج بأهل يسار المحتاجون.
وبسليمة أجلاف البوادي الذين يأكلون ما دب ودرج من غير تمييز فلا عبرة بهم، وبحال الرفاهية حال الضرورة فلا عبرة بها.
تنبيه: قضية كلام المصنف أنه لا بد من إخبار جمع منهم بل ظاهره جميع العرب. والظاهر كما قال الزركشي الاكتفاء بخبر عدلين ويرجع في كل زمان إلى العرب الموجودين فيه فإن استطابته فحلال وإن استخبثته فحرام والمراد به ما لم يسبق فيه كلام العرب الذين كانوا في عهده (ص) فمن بعدهم. فإن ذلك قد عرف حاله. واستقر أمره فإن اختلفوا في استطابته اتبع الأكثر، فإن استووا فقريش لأنها قطب العرب فإن اختلفوا ولا ترجيح أو شكوا أو لم نجدهم ولا غيرهم من العرب اعتبر بأقرب الحيوان شبها به صورة أو طبعا أو طعما فإن استوى الشبهان أو لم يوجد ما يشبهه فحلال لآية: * (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما) * ولا يعتمد فيه شرع من قبلنا لأنه ليس شرعا لنا، فاعتماد ظاهر الآية المقتضية للحل أولى من استصحاب الشرائع السالفة. وإن جهل اسم حيوان سئل العرب عن ذلك الحيوان. وعمل بتسميتهم له ما هو حلال أو حرام، لأن المرجع في ذلك إلى الاسم وهم أهل اللسان.
وإن لم يكن له اسم عندهم اعتبر بالأشبه به من الحيوان في الصورة أو الطبع أو الطعم في اللحم فإن تساوى الشبهان أو فقد ما يشبهه حل على الأصح في الروضة والمجموع فمما ورد النص بتحريمه البغل للنهي عن أكله في خبر أبي داود ولتولده بين حلال وحرام. فإنه متولد بين فرس وحمار أهلي فإن كان الذكر فرسا فهو شديد الشبه بالحمار أو حمارا كان شديد الشبه بالفرس فإن تولد بين فرس وحمار وحشي أو بين فرس وبقر حل بلا خلاف، والحمار الأهلي للنهي عنه في خبر الصحيحين وكنيته أبو زياد وكنية الأنثى أم محمود. (ويحرم من السباع) كل (ما له ناب قوي يجرح به) أي يسطو به على غيره من الحيوان كأسد ذكر له ابن خالويه خمسمائة اسم وزاد علي بن جعفر عليه