الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٢٧
وجوبا أنهم يتميزون عن المسلمين (بلبس الغيار) بكسر المعجمة وإن لم يشرط عليهم وهو أن يخيط كل منهم من ذكر أو غيره بموضع لا يعتاد الخياطة عليه كالكتف على ثوبه الظاهر ما يخالف لونه لون ثوبه ويلبسه وذلك للتمييز ولان عمر رضي الله تعالى عنه صالحهم على تغيير زيهم بمحضر من الصحابة كما رواه البيهقي. فإن قيل: لم لم يفعل النبي (ص) هذا بيهود المدينة؟
أجيب: بأنهم كانوا قليلين معروفين فلما كثروا في زمن الصحابة رضي الله عنهم وخافوا من التباسهم بالمسلمين احتاجوا إلى تمييزهم وإلقاء منديل ونحوه كالخياطة والأولى باليهود الأصفر وبالنصارى الأزرق أو الأكهب ويقال له: الرمادي وبالمجوسي الأحمر أو الأسود (وشد الزنار) أي ويؤمرون بذلك أيضا وهو بضم المعجمة خيط غليظ يشد في الوسط فوق الثياب لأن عمر رضي الله تعالى عنه صالحهم عليه كما رواه البيهقي هذا في الرجل أما المرأة، فتشده تحت الإزار كما صرح به في التنبيه وحكاه الرافعي عن التهذيب وغيره. لكن مع ظهور بعضه حتى يحصل به فائدة.
قال الماوردي: ويستوي فيه سائر الألوان، قال في أصل الروضة: وليس لهم إبداله بمنطقة ومنديل ونحوهما والجمع بين الغيار والزنار أولى وليس بواجب ومن لبس منهم قلنسوة يميزها عن قلانسنا بعلامة فيها وإذا دخل الذمي مجردا حماما فيه مسلمون، أو تجرد عن ثيابه بين المسلمين في غير حمام جعل وجوبا في عنقه خاتم حديد أو رصاص أو نحو ذلك فلا يجعله من ذهب ولا فضة قال الزركشي:
والخاتم طوق يكون في العنق قال الأذرعي: ويجب القطع بمنعهم من التشبه بلباس أهل العلم والقضاة ونحوهم لما في ذلك من التعاظم قال الماوردي ويمنعون من التختم بالذهب والفضة لما فيه من التطاول والمباهاة وتجعل المرأة خفها لونين ولا يشترط التمييز بكل هذه الوجوه بل يكفي بعضها قال الحليمي ولا ينبغي لفعلة المسلمين وصياغهم أن يعملوا للمشركين كنيسة أو صليبا وأما نسج الزنانير فلا بأس به لأن فيها صغارا لهم. (ويمنعون) أي الذكور المكلفون في بلاد المسلمين وجوبا.
(من ركوب الخيل) لقوله تعالى: * (ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) * فأمر أولياءه بإعدادها لأعدائه ولما في الصحيحين من حديث عروة البارقي: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.
تنبيه: ظاهر كلامه أنه لا فرق في منع ركوب الخيل بين النفيس منها، والخسيس وهو ما عليه الجمهور. بخلاف الحمير والبغال ولو نفيسة لأنها في نفسها خسيسة وإن كان أكثر أعيان الناس يركبونها، ويركب بإكاف وركاب خشب لا حديد. ونحوه ولا سرج اتباعا لكتاب عمر رضي الله تعالى عنه.
والمعنى فيه أن يتميزوا عن المسلمين ويركب عرضا بأن يجعل رجليه من جانب واحد وظهره من جانب آخر. قال الرافعي: ويحسن أن يتوسط فيفرق بين أن يركب إلى مسافة قريبة من البلد أو بعيدة وهو ظاهر ويمنع من حمل السلاح، ومن اللجم المزينة بالنقدين: أما النساء والصبيان ونحوهما فلا يمنعون من ذلك كما لا جزية عليهم. قال ابن الصلاح: وينبغي منعهم من خدمة الملوك والامراء كما يمنعون من ركوب الخيل. (ويلجؤون) عند زحمة المسلمين (إلى أضيق الطرق) بحيث لا يقعون في وهدة ولا يصدمهم جدار لقوله (ص): لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه أما إذا خلت الطريق عن الزحمة فلا حرج. قال في الحاوي ولا يمشون إلا أفرادا متفرقين ولا يوقرون في مجلس فيه مسلم لأن الله تعالى أذلهم والظاهر كما قاله الأذرعي تحريم ذلك.
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الشفعة 2
2 فصل في القراض 7
3 فصل في المساقاة 11
4 فصل في الإجارة 14
5 فصل في الجعالة 20
6 فصل في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض 22
7 فصل في إحياء الموات 23
8 فصل في الوقف 26
9 فصل في الهبة 31
10 فصل في اللقطة 35
11 فصل في أقسام اللقطة 39
12 فصل في اللقيط 41
13 فصل في الوديعة 42
14 كتاب بيان أحكام الفرائض والوصايا 46
15 فصل في الوصية الشاملة للايصاء 56
16 كتاب النكاح 63
17 فصل في أركان النكاح 71
18 فصل في بيان الأولياء 74
19 فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه 79
20 فصل في الصداق 84
21 فصل في القسم والنشوز 91
22 فصل في الخلع 96
23 فصل في الطلاق 99
24 فصل في الطلاق السني وغيره 102
25 فصل فيما يملكه الزوج من الطلقات وفي الاستثناء والتعليق والمحل القابل للطلاق وشروط المطلق 105
26 فصل في الرجعة 109
27 فصل في بيان ما يتوقف عليه حل المطلقة 110
28 فصل في الايلاء 112
29 فصل في الظهار 116
30 فصل في اللعان 120
31 فصل في العدد 125
32 فصل في فيما يجب للمعتدة وعليها الخ 130
33 فصل في الاستبراء 133
34 فصل في الرضاع 136
35 فصل في نفقة القريب والرقيق والبهائم 139
36 فصل في النفقة 142
37 فصل في الحضانة 148
38 كتاب الجنايات 152
39 فصل في الدية 160
40 فصل في القسامة 172
41 كتاب الحدود 177
42 فصل في حد القدف 183
43 فصل في حد شارب المسكر من خمر وغيره 186
44 فصل في حد السرقة الواجب بالنص والإجماع 189
45 فصل في قاطع الطريق 196
46 فصل في حكم الصيال وما تتلفه البهائم 199
47 فصل في قتال البغاة 202
48 فصل في الردة 205
49 فصل في تارك الصلاة 207
50 كتاب أحكام الجهاد 210
51 فصل في قسم الغنيمة 216
52 فصل في قسم الفئ 220
53 فصل في الجزية 222
54 كتاب الصيد والذبائح 228
55 فصل في الأطعمة 233
56 فصل في الأضحية 239
57 فصل في العقيقة 244
58 كتاب السبق والرمي 246
59 كتاب الايمان والنذور 250
60 فصل في النذور 256
61 كتاب الأقضية والشهادات 260
62 فصل في القسمة 271
63 فصل في الدعوى والبينات 274
64 فصل في الشهادات 279
65 فصل والحقوق ضربان حق الله تعالى وحق الآدمي 282
66 كتاب العتق 288
67 فصل في الولاء 293
68 فصل في التدبير 295
69 فصل في الكتابة 298
70 فصل في أمهات الأولاد 302