وجوبا أنهم يتميزون عن المسلمين (بلبس الغيار) بكسر المعجمة وإن لم يشرط عليهم وهو أن يخيط كل منهم من ذكر أو غيره بموضع لا يعتاد الخياطة عليه كالكتف على ثوبه الظاهر ما يخالف لونه لون ثوبه ويلبسه وذلك للتمييز ولان عمر رضي الله تعالى عنه صالحهم على تغيير زيهم بمحضر من الصحابة كما رواه البيهقي. فإن قيل: لم لم يفعل النبي (ص) هذا بيهود المدينة؟
أجيب: بأنهم كانوا قليلين معروفين فلما كثروا في زمن الصحابة رضي الله عنهم وخافوا من التباسهم بالمسلمين احتاجوا إلى تمييزهم وإلقاء منديل ونحوه كالخياطة والأولى باليهود الأصفر وبالنصارى الأزرق أو الأكهب ويقال له: الرمادي وبالمجوسي الأحمر أو الأسود (وشد الزنار) أي ويؤمرون بذلك أيضا وهو بضم المعجمة خيط غليظ يشد في الوسط فوق الثياب لأن عمر رضي الله تعالى عنه صالحهم عليه كما رواه البيهقي هذا في الرجل أما المرأة، فتشده تحت الإزار كما صرح به في التنبيه وحكاه الرافعي عن التهذيب وغيره. لكن مع ظهور بعضه حتى يحصل به فائدة.
قال الماوردي: ويستوي فيه سائر الألوان، قال في أصل الروضة: وليس لهم إبداله بمنطقة ومنديل ونحوهما والجمع بين الغيار والزنار أولى وليس بواجب ومن لبس منهم قلنسوة يميزها عن قلانسنا بعلامة فيها وإذا دخل الذمي مجردا حماما فيه مسلمون، أو تجرد عن ثيابه بين المسلمين في غير حمام جعل وجوبا في عنقه خاتم حديد أو رصاص أو نحو ذلك فلا يجعله من ذهب ولا فضة قال الزركشي:
والخاتم طوق يكون في العنق قال الأذرعي: ويجب القطع بمنعهم من التشبه بلباس أهل العلم والقضاة ونحوهم لما في ذلك من التعاظم قال الماوردي ويمنعون من التختم بالذهب والفضة لما فيه من التطاول والمباهاة وتجعل المرأة خفها لونين ولا يشترط التمييز بكل هذه الوجوه بل يكفي بعضها قال الحليمي ولا ينبغي لفعلة المسلمين وصياغهم أن يعملوا للمشركين كنيسة أو صليبا وأما نسج الزنانير فلا بأس به لأن فيها صغارا لهم. (ويمنعون) أي الذكور المكلفون في بلاد المسلمين وجوبا.
(من ركوب الخيل) لقوله تعالى: * (ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) * فأمر أولياءه بإعدادها لأعدائه ولما في الصحيحين من حديث عروة البارقي: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.
تنبيه: ظاهر كلامه أنه لا فرق في منع ركوب الخيل بين النفيس منها، والخسيس وهو ما عليه الجمهور. بخلاف الحمير والبغال ولو نفيسة لأنها في نفسها خسيسة وإن كان أكثر أعيان الناس يركبونها، ويركب بإكاف وركاب خشب لا حديد. ونحوه ولا سرج اتباعا لكتاب عمر رضي الله تعالى عنه.
والمعنى فيه أن يتميزوا عن المسلمين ويركب عرضا بأن يجعل رجليه من جانب واحد وظهره من جانب آخر. قال الرافعي: ويحسن أن يتوسط فيفرق بين أن يركب إلى مسافة قريبة من البلد أو بعيدة وهو ظاهر ويمنع من حمل السلاح، ومن اللجم المزينة بالنقدين: أما النساء والصبيان ونحوهما فلا يمنعون من ذلك كما لا جزية عليهم. قال ابن الصلاح: وينبغي منعهم من خدمة الملوك والامراء كما يمنعون من ركوب الخيل. (ويلجؤون) عند زحمة المسلمين (إلى أضيق الطرق) بحيث لا يقعون في وهدة ولا يصدمهم جدار لقوله (ص): لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه أما إذا خلت الطريق عن الزحمة فلا حرج. قال في الحاوي ولا يمشون إلا أفرادا متفرقين ولا يوقرون في مجلس فيه مسلم لأن الله تعالى أذلهم والظاهر كما قاله الأذرعي تحريم ذلك.