وإنما وجب التعرض لذلك في الايجاب لأن الجزية مع الانقياد والاستسلام كالعوض عن التقرير فيجب التعرض له كالثمن في البيع والأجرة في الإجارة. وهذا في حق الرجل، وأما المرأة فيكفي فيها الانقياد لحكم الاسلام فقط. (و) الثالث (أن لا يذكروا دين الاسلام إلا بخير) لاعزازه. فلو خالفوا وطعنوا فيه أو في القرآن العظيم أو ذكروا رسول الله (ص) بما لا يليق بقدره العظيم عزروا، والأصح أنه إن شرط انتقاض العهد بذلك انتقض وإلا فلا. (و) الرابع (أن لا يفعلوا ما فيه ضرر للمسلمين) كأن قاتلوهم ولا شبهة لهم، أو امتنعوا من أداء الجزية أو من إجراء حكم الاسلام عليهم فإن فعلوا شيئا من ذلك انتقض عهدهم وإن لم يشرط الإمام عليهم الانتقاض به ويمنعون أيضا من سقيهم خمرا وإطعامهم خنزيرا أو إسماعهم قولا شركا كقولهم: الله ثالث ثلاثة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ومن إظهار خمر وخنزير وناقوس وعيد ومتى أظهروا خمورهم أريقت وقياسه إتلاف الناقوس، وهو ما يضرب به النصارى لأوقات الصلاة إذا أظهروه ومن إحداث كنيسة وبيعة وصومعة للرهبان، وبيت نار للمجوس في بلد أحدثناه كبغداد والقاهرة، أو أسلم أهله عليه كالمدينة الشريفة. واليمن لما روي أنه (ص) قال: لا تبن كنيسة في الاسلام ولان إحداث ذلك معصية، فلا يجوز في دار الاسلام، فإن بنوا ذلك هدم، سواء أشرط عليهم أم لا. ولا يحدثون ذلك في بلدة فتحت عنوة، كمصر وأصبهان لأن المسلمين ملكوها بالاستيلاء فيمتنع جعلها كنيسة وكما لا يجوز إحداثها، لا يجوز إعادتها إذا انهدمت ولا يقرون على كنيسة كانت فيه لما مر. ولو فتحنا البلد صلحا كبيت المقدس بشرط كون الأرض لنا وشرط إسكانهم فيها بخراج وإبقاء الكنائس أو إحداثها جاز. لأنه إذا جاز الصلح على أن كل البلد لهم فعلى بعضه أولى فلو أطلق الصلح ولم يذكر فيه إبقاء الكنائس ولا عدمه فالأصح المنع من إبقائها فيهدم ما فيها من الكنائس. لأن إطلاق اللفظ يقتضي صيرورة جميع البلد لنا أو بشرط الأرض لهم ويؤدون خراجها قررت كنائسهم لأنها ملكهم ولهم الاحداث في الأصح ويمنعون وجوبا من رفع بناء لهم على بناء جار لهم مسلم لخبر: الاسلام يعلو ولا يعلى عليه ولئلا يطلع على عوراتنا. ولا فرق بين أن يرضى الجار بذلك أم لا.
لأن المنع من ذلك لحق الدين لا لمحض حق الدار. والأصح المنع من المساواة أيضا فإن كانوا بمحلة منفصلة عن المسلمين كطرف من البلد لم يمنعوا من رفع البناء (ويعرفون) بضم حرف المضارعة مع تشديد الراء المفتوحة على البناء للمفعول أي نعرفهم ونأمرهم أي أهل الذمة المكلفون في دار الاسلام.