أمسكن عليكم) * ثم شرع في الركن الثالث وهو الآلة فقال: (وتجوز الذكاة بكل ما يجرح) كمحدد حديد وقصب وحجر ورصاص وذهب وفضة لأنه أسرع في إزهاق الروح. (إلا بالسن والظفر) وباقي العظام متصلا كان أو منفصلا من آدمي أو غيره لخبر الصحيحين: ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ليس السن والظفر وسأحدثكم عن ذلك. أما السن فعظم. وأما الظفر فمدى الحبشة وألحق بذلك باقي العظام. والنهي عن الذبح بالعظام قيل تعبدي وبه قال ابن الصلاح ومال إليه ابن عبد السلام وقال النووي في شرح مسلم: معناه لا تذبحوا بها فإنها تنجس بالدم. وقد نهيتم عن تنجسها في الاستنجاء لكونها طعام إخوانكم من الجن ومعنى قوله: وأما الظفر فمدى الحبشة أنهم كفار وقد نهيتم عن التشبه بهم نعم ما قتلته الجارحة بظفرها أو نابها حلال. كما علم مما مر وخرج بمحدد ما لو قتل بمثقل كبندقة، وسوط وسهم بلا نصل ولا حد أو بسهم وبندقة أو انخنق ومات بأحبولة منصوبة. لذلك أو أصابه سهم فوقع على طرف جبل ثم سقط منه وفيه حياة مستقرة ومات حرم الصيد في جميع هذه المسائل: أما في القتل بالمثقل. فلأنها موقوذة فإنها ما قتل بحجر أو نحوه مما لا حد له وأما موته بالسهم والبندقة وما بعدهما فإنه موت بشيئين: مبيح ومحرم. فغلب المحرم لأنه الأصل في الميتات وأما المنخنقة بالاحبولة فلقوله تعالى: * (والمنخنقة) *. ثم شرع في الركن الرابع وهو الذابح فقال: (وتحل ذكاة) وصيد (كل مسلم) ومسلمة (وكتابي) وكتابية تحل مناكحتنا لأهل ملتهما قال تعالى:
* (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم) * وقال ابن عباس: إنما أحلت ذبائح اليهود والنصارى من أجل أنهم آمنوا بالتوراة والإنجيل رواه الحاكم وصححه ولا أثر للرق في الذابح فتحل ذكاة أمة كتابية وإن حرم مناكحتها لعموم الآية المذكورة. (ولا تحل ذكاة مجوسي ولا وثني) ولا غيرهما مما لا كتاب له ولو شارك من لا تحل مناكحته مسلما في ذبح أو اصطياد حرم المذبوح والمصاد تغليبا للتحريم ولو أرسل المسلم والمجوسي كلبين أو سهمين على صيد فإن سبق آلة المسلم آلة المجوسي في صورة السهمين أو كلب المسلم، كلب المجوسي في صورة الكلبين فقتل الصيد أو لم يقتله. بل أنهاه إلى حركة مذبوح حل ولو انعكس ما ذكر أو جرحاه معا وحصل الهلاك بهما أو جهل ذلك أو جرحاه مرتبا ولكن لم يذففه الأول فهلك بهما حرم الصيد في مسألة العكس وما عطف عليها تغليبا للتحريم.
فائدة: قال النووي في شرح مسلم قال بعض العلماء: والحكمة في اشتراط الذابح وإنهار الدم تمييز حلال اللحم والشحم من حرامهما وتنبيه على تحريم الميتة لبقاء دمها. ويحل ذبح وصيد صغير مسلم أو كتابي مميز لأن قصده صحيح بدليل صحة العبادة منه إن كان مسلما فاندرج تحت الأدلة كالبالغ وكذا صغير غير مميز ومجنون وسكران تحل ذبيحتهم في الأظهر لأن لهم قصدا وإرادة في الجملة لكن مع الكراهة كما نص عليه في الام خوفا من عدولهم عن محل الذبح